أخيراً، فتح القضاء الفدرالي الأميركي، للمرة الأولى، تحقيقاً في اعتداءات جنسية على أطفال قام بها كهنة كاثوليك، واستدعى مسؤولين في ما لا يقل عن سبع من الأبرشيات الكاثوليكية الثماني في بنسلفانيا لهذه الغاية. وهو أوّل تحقيق فدرالي بهذا الحجم، بعد شهرين على نشر تقرير عن تجاوزات حصلت على مدى عقود داخل كنيسة هذه الولاية.في التفاصيل، أعلنت مطرانية فيلادلفيا، أمس، على موقعها على الإنترنت، أنها تلقّت دعوة إلى المثول أمام هيئة محلفين فدرالية، مشيرةً إلى أنّها ستتعاون في هذه القضية، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وأكدت مطرانية غرينسبورغ في غرب بنسلفانيا، من جهتها، أنّها تلقّت دعوة إلى المثول أمام القضاء، قالت إنّها «لم تُفاجأ بها» بعد التقرير «المروّع» الذي نُشر. المطرانية أوضحت، في بيان، أنّ «الضحايا وأفراد الرعيّة والجمهور يريدون إثباتاً على أنّ كل أبرشيّة اتّخذت التدابير الواسعة والحاسمة لتأمين حماية أفضل للأطفال».
في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن خمساً على الأقل من الأبرشيات أكّدت تلقّيها دعوات إلى المثول أمام القضاء، معلنةً استعدادها للتعاون مع التحقيق.
ويأتي التحقيق الفدرالي في أعقاب تقرير نشرته هيئة المحلفين الكبرى في بنسلفانيا في آب/ أغسطس الماضي، وجد أدلّة موثوقة على أن «كهنة المفترس»، البالغ عددهم 301، قاموا بإساءة معاملة أكثر من ألف طفل في ست أبرشيات منذ عام 1947. وحصلت على الأثر تعبئة في أوساط النيابات العامة في ولايات أميركية عدة، بينها نيويورك ونيوجرسي، حيث تقيم غالبية من الكاثوليك، فطلبت من أسقفياتها التعاون والاطّلاع على أرشيفاتها، وأطلقت دعوات إلى الشهود للإفصاح عمّا يعرفونه. حينذاك، وبعد توالي الفضائح، اعترف البابا فرنسيس بأنّ الكنيسة أخفقت في التعامل مع انتهاكات رجال الدين وبالآلام التي تسبّبوا فيها لأطفال وبالغين كانوا ضحايا اغتصاب أو تحرش جنسي على أيدي كهنة وأصحاب نفوذ في المؤسسة الدينية.
وسبق أن تمَّ تسجيل عدد كبير من الشكاوى في القضايا التي كشفها التقرير، لكن الضحايا يأملون، مع التحقيق الفدرالي، أن يتمّ تسليط الضوء بشكلٍ كامل على هذه التجاوزات، وعلى محاولات إخفائها المزمنة من جانب مسؤولين في الكنيسة الكاثوليكية.

وورل قدم في أيلول استقالته إلى البابا حتى تتمكن الكنيسة من التركيز على «شفاء نفسها» (أ ف ب )

أبرشية واشنطن تنشر أسماء متّهمين
في وقتٍ سابق، مطلع الأسبوع الجاري، نشرت أبرشية واشنطن على موقعها الإلكتروني أسماء 31 من أعضائها السابقين، الذين وجّهت إليهم «اتهامات جديرة بالثقة باعتداء جنسي على قاصرين»، في السنوات السبعين الماضية. وترد في اللائحة أسماء 17 من الكهنة المتوفَين، وأسماء 14 كاهناً آخر ما زالوا على قيد الحياة، حُكم على تسعة منهم أمام القضاء، في حين لم يعد الخمسة الأخيرون يتولّون أي مهمّة كنسية.
بيان الأبرشية، الذي نشر يوم الإثنين الماضي، قال إن اللائحة قد أعدّت بالاستناد إلى محفوظات الأبرشية، بناءً على طلب قدّمه في 2017 أسقف واشنطن دونالد وورل (77 عاماً)، الذي وافق البابا فرنسيس على استقالته قبل أيام قليلة.
وقد وُجّهت إلى الكاردينال وورل تهمة السعي إلى «خنق» فضيحة الكهنة، الذين يستغلون الأطفال جنسياً في بنسلفانيا، حيث كان مسؤولاً لفترة طويلة.
وكتب الكاردينال، في بيان، أنّ «اللائحة هي تذكير مؤلم بالخطايا الفاضحة التي ارتكبها رجال الكنيسة وبالألم الذي واجهه شبان، والألم الذي تعرّض له عدد كبير من المؤمنين الذين نواصل طلب المغفرة لهم». وتابع البيان: «من المهم أن نذكّر بأنه لم يوجَّه، حسب علمنا، اتهام جدير بالثقة إلى كاهن في الأبرشية منذ حوالى 20 عاماً».
وكان الكاردينال الذي واجه عدداً كبيراً من الدعوات إلى الاستقالة، دافع عن نفسه في بيان سابق، أكّد فيه أنّ التقرير يثبت أنّه «سارع إلى التحرّك لما فيه مصلحة الضحايا وللحؤول دون حصول تجاوزات جديدة». لكنّه قدّم، في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، استقالته إلى البابا، حتى تتمكّن الكنيسة، كما قال، من التركيز على «شفاء نفسها». ويوم الجمعة الماضي، قبل البابا استقالة وورل، مشيداً في الآن نفسه، عبر رسالة شخصية، بـ«نبل» خطه الدفاعي.