اعتبرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، اليوم، أن حظر فرنسا ارتداء النقاب يمثّل انتهاكاً لحقوق الإنسان، وطالبتها بمراجعة التشريع الخاص بالحظر، في بيانٍ لا تلزم قراراته باريس بتغيير تشريعاتها.اللجنة المؤلفة من 28 خبيراً مستقلاً، أقرّت في بيانها أن باريس لم تنجح في إقناعها بالحظر، مانحةً إياها مهلة 180 يوماً لإبلاغها الإجراءات التي اتخذتها. وتابع البيان أن «زعم فرنسا» أن «حظر غطاء الوجه ضروري ومتناسب من الناحية الأمنية أو لتحقيق هدف العيش معاً في المجتمع»، غير مقنع.

خلفية القضية
إدانة اللجنة لهذا التشريع ترتبط بفرض فرنسا غرامة عام 2012 على امرأتين كانتا ترتديان النقاب، مطالبةً باريس بـ«تعويضهما» وبإعادة النظر في القانون. وكانت اللجنة التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد تلقّت عام 2016 شكوى قدّمتها الفرنسيتان اللتان فُرضت عليهما الغرامة لارتدائهما النقاب في مكان عام، وهو إجراء عائد لقانون أقرّه البرلمان الفرنسي عام 2010، يمنع بموجبه أيّ ملابس تغطّي الوجه في الأماكن العامة، تحت طائلة فرض غرامة تصل إلى 150 يورو.
واعتبرت اللجنة أنّ «منع (ارتداء) النقاب ينتهك حرية الديانة والحقوق الإنسانية» لهاتين المسلمتين. وتابع البيان أنّ «اللجنة تقرّ بأنّ الدول يمكن أن تفرض على الأفراد عدم تغطية الوجه في ظروف محددة في إطار عمليات تحقّق من الهوية، لكنّها تعتبر أنّ المنع الشامل للنقاب هو تدبير جذري جداً». وتوصلت اللجنة نفسها إلى نتائج مماثلة في عام 2008 في قضية امرأة طُردت من عملها في دار حضانة لأنها ترتدي النقاب.
فرنسا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تحظر النقاب، فقد فرضت دول أوروبية عدة تشريعات تتعلّق بالزيّ الإسلامي، إذ سنّ البرلمان الدنمركي قانوناً في أيار/مايو يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، بينما فرضت بلجيكا وهولندا وبلغاريا وولاية بافاريا الألمانية بعض القيود على ارتداء النقاب في الأماكن العامة.

هل تستمع فرنسا إلى اللجنة؟
قرارات اللجنة غير مُلزِمة، لكنّها قد تؤثّر في أحكام القضاء الفرنسي، كما أنّ على فرنسا التزاماً قانونياً دولياً بموجب بروتوكول اختياري بتنفيذ القرارات من منطلق «حسن النية»، علماً بأنه لم يرد ردّ فعل من السلطات الفرنسية حتى الآن.
بدورها، قالت العضو في اللجنة، إيلزه براندز-كيريس، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، إنّ النقاب «قضية كبيرة جداً تثير الكثير من المشاعر وردود الفعل، وبالتالي يمكن أن تصبح سياسيّة، وأن يجري التلاعب بها». وأضافت أن «هذا ليس دور اللجنة، نحن نقوم بتحليل قضائي بحت للوضع». ولدى سؤالها عن غياب سلطة اللجنة على الدول، أشارت إلى أن فرنسا، ورغم كل شيء، تجد نفسها «مرغمةً» على الالتزام بتوصيات اللجنة، إذ إنها من موقّعي الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
في المقابل، أيّدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014 قرار فرنسا حظر النقاب في الأماكن العامة، وقالت إنه لا ينتهك حرية العقيدة، وأحكام هذه المحكمة ملزمة.