يتصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة على خلفية ملف تايوان. وبينما تعتبر بكين، الجزيرة التي تتمتع بنظام حكم ديموقراطي مستقل، جزءاً من أراضيها، بانتظار إعادة توحيدها معها، على رغم أن الجانبين يحكمان في شكل منفصل، منذ نهاية الحرب الأهلية في البر الصيني في عام 1949، تُعتبر واشنطن، أقوى حليف غير رسمي لحكومة تايبيه (عاصمة تايوان)، ومزودها الرئيس بالأسلحة. لكن واشنطن، لا تفوت أي فرصة للضغط على بكين عبر بوابة تايوان، على رغم تحويل الاعتراف الديبلوماسي إلى بكين في العام 1979، وآخر تحركاتها كان الاثنين الماضي، حينما أرسلت سفينتين حربيتين عبر مضيق تايوان، في ثاني عملية من نوعها هذا العام، الأمر الذي يزعج بكين.ومع سعي إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى توثيق العلاقات مع الجزيرة، وإعلانها عن خطط لبيعها قطع غيار بقيمة 330 مليون دولار، الشهر الماضي، وطرح نفسها كضامن أمني للجزيرة، ترى حكومة الصين، أنه بات لزاماً عليها اتخاذ خطوات «حاسمة» و«صارمة» مقابل أي «خطر انفصالي» بدأ يلوح في الأفق، خصوصاً أن خطوات واشنطن التصعيدية، تزامنت مع خروج عشرات الآلاف من أنصار استقلال تايوان إلى شوارع تايبيه، السبت الماضي، في مسيرة حاشدة معادية لبكين، شكلت كذلك تحدياً لحكومة الجزيرة.
الاستفزازات الأميركية، دفعت الصين إلى الإعلان عن أن الجيش سيفعل «كل ما يلزم لوقف أي محاولة لانفصال تايوان عن الصين»، بحسب ما قال وزير الدفاع وي فينغ خه، أمس، مضيفاً خلال منتدى «شيانغشان للحوار الأمني الإقليمي»، الذي تستضيفه بكين، «أنه أمر خطير للغاية أن يتم بصورة متكررة تحدي قدرة الصين على الاحتمال في هذه القضية». وحذر قائلاً: «إذا حاول أحد أن يفصل تايوان عن الصين، فبالتأكيد سيقوم الجيش الصيني بكل ما يلزم ويتخذ حتماً إجراءات حازمة».
في مقابل الرسائل العسكرية، تسعى بكين وواشنطن إلى الحفاظ على لغة الديبلوماسية


في مقابل الرسائل العسكرية، تسعى بكين وواشنطن إلى الحفاظ على لغة الديبلوماسية لحل الخلافات بين البلدين. إذ وصفت وزارة الدفاع الصينية، اجتماع وزير الدفاع، وي فينغ خه، ونظيره الأميركي، جايمس ماتيس، على هامش مؤتمر أمني إقليمي في سنغافورة، الأسبوع الماضي، بـ«البنّاء»، بحسب ما قال الناطق باسم الوزارة، وو تشيان، أمس، موضحاً أن «ماتيس دعا (نظيره) وي، مرة أخرى، لزيارة الولايات المتحدة»، بعد أن كان قد أبلغه، في الزيارة السابقة، أن «أكبر اقتصادين في العالم، بحاجة إلى تعزيز العلاقات رفيعة المستوى، للتغلب على التوترات، ودرء خطر أي صراع غير مقصود».
في السياق، وصل رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، أمس، إلى الصين، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، في إطار جهود طوكيو لإصلاح العلاقات مع بكين، بعد تدهورها إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2012، بعدما قامت بـ«تأميم» جزر متنازع عليها، تؤكد بكين أحقيتها بها. الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون يينغ، أوضحت أن «زيارة شينزو هي الأولى لرئيس وزراء ياباني للصين منذ سبع سنوات»، مشيرة إلى أن جدول أعماله يتضمن حضور مراسم استقبال بمناسبة الذكرى الأربعين لتوقيع معاهدة «السلام والصداقة اليابانية ــ الصينية». ومن المزمع أن تعقد المحادثات الرسمية، اليوم الجمعة، على أن يلتقي شينزو، رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، لمناقشة مختلف القضايا العالمية والإقليمية، بما في ذلك نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.
اللافت أن هذه الزيارة، تأتي في وقتٍ تنخرط فيه الصين في حرب تجارية مريرة مع الولايات المتحدة، كما تتعرض اليابان لضغوط من الرئيس الأميركي، لاستيراد المزيد من المنتجات الزراعية والسيارات، في محاولة لخفض العجز التجاري المزمن في واشنطن.