حضرت العقوبات الأميركية المرتقبة على إيران في الاجتماع المشترك لوزراء خارجية إيران وتركيا وأذربيجان في إسطنبول. الاجتماع الثلاثي بدا فرصة لطهران بالدرجة الأولى لتعزيز سياسة تمتين العلاقات التجارية والاقتصادية بجيرانها، كإحدى وسائل مواجهة الإجراءات الأميركية. أنقرة، هي الأخرى، ولو بدرجة مختلفة تحتاج إلى تفعيل التبادل التجاري الإقليمي في ظل تصدع اقتصادها تبعاً لتوتر العلاقة بواشنطن. أما باكو التي تحتفظ بعلاقات متينة مع الولايات المتحدة وإن تبدو متحمسة للتعاون الإقليمي في الاجتماعات الروتينية من هذا النوع، فإنها استغلت الفرصة لفتح ملف الخلاف مع أرمينيا، إذ حذّر وزير الخارجية الأذري ألمار محمد ياروف، على هامش الاجتماع، من أن «سيادة أرمينيا موضع شك إن لم تحسن سياستها مع تركيا وأذربيجان».ويعدّ الاجتماع السادس من نوعه، بين الجيران الثلاثة، بعد أن استضافت العاصمة الأذرية باكو الاجتماع الأخير في شباط/ فبراير الماضي. الآلية التي نشأت بين البلدان الثلاثة، لا تزال تحظى باهتمام بالغ من الأطراف، لا سيما تركيا وإيران، إلى جانب لقاءات تعاون إقليمي مماثلة، كاللقاء الثلاثي الذي عقد في إسطنبول أول من أمس بين وزراء خارجية تركيا وأذربيجان وجورجيا بالتزامن مع اليوم الوطني في تركيا، وكذلك اللقاء الرباعي الذي يعقد دورياً بين البلدان الثلاثة إضافة إلى إيران. تغيب أرمينيا، عن هذه اللقاءات، ويحضر نزاع إقليم ناغورني كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان. لكن يبقى الحضور الأكبر لشبكة كبيرة من المصالح تنشأ في منطقة تمتد من إيران إلى إقليمي القوقاز وآسيا الصغرى، أبرزها خطوط سكك الحديد الرابطة بين البلدان، لرفع التبادل التجاري إضافة إلى مشاريع تتعلق بتجارة الغاز والنفط.
وفي اجتماع إسطنبول، أمس، شدد وزراء خارجية إيران وتركيا وأذربيجان، في البيان الختامي على «تعزيز التعاون بين شعوب هذه الدول على أساس المشتركات التاريخية والثقافية والدينية»، وتعزيز «الأمن الإقليمي». على أن الأهم كان إقرار الاجتماع الاتفاق على إجراء البلدان الثلاثة لتعاملاتهم التجارية المشتركة بالعملات المحلية، وهو ما يبدو آلية ضرورية لطهران بمواجهة العقوبات الأميركية التي تشمل التعاملات المصرفية بالدولار. وفي المؤتمر الصحافي المشترك، بدا وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، ممتناً لإصرار جيرانه على التعاون التجاري على رغم العقوبات الأميركية. وشدد على أهمية التعاون الجمركي المشترك، والتعاون المالي والمصرفي، كاشفاً عن اجتماع على مستوى الخبراء سيعقد «لوضع برنامج على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة» في هذا الإطار. ومن المنتظر أن يستتبع الاجتماع لقاءات تعاون للقطاعات الخاصة في البلدان الثلاثة. وتطرق ظريف في مواقفه إلى العقوبات الأميركية، معتبراً أنه ستكون لها «عواقب وخيمة على النظام العالمي». وشدد على أن «الأميركيين لم يحققوا أهدافهم بفرض العقوبات غير المشروعة على إيران»، مضيفاً: «المجتمع الدولي تصدى للعقوبات الأميركية». وأشاد بـ«مقاومة» الدول المجاورة لبلاده والبلدان الأوروبية لإجراءات واشنطن الأحادية.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن أنقرة واصلت تعاونها مع طهران حتى بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وهي تتشاور مع الدول الأوروبية في شأن كيفية استمرار التعاون مع إيران. ولفت إلى أن الاجتماع بحث تداعيات العقوبات الأميركية، مبدياً تطلع بلاده إلى رفع التعاون التجاري مع إيران إلى 30 مليار دولار. كما نوه جاويش أوغلو بأن أنقرة تؤمن احتياجاته من النفط والغاز الطبيعي من مصادر الطاقة في طهران وباكو «ونحن عازمون على مواصلة التجارة الثنائية».


طهران: تصريحات بومبيو «حرب نفسية»
تصاعدت حدة التصريحات بين الولايات المتحدة وإيران، قبل أيام من دخول الدفعة الثانية من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ، في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وكتب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، على حسابه في «تويتر» محتفياً بإضعاف بلاده للاقتصاد الإيراني بفضل العقوبات. وفي الوقت نفسه، وفي محاولة لتبرير الموقف الأميركي، أضاف: «هذا ما يحدث عندما يسرق النظام الحاكم من شعبه ويستثمر في (الرئيس السوري بشار) الأسد بدلاً من توفير الوظائف للإيرانيين، إنهم يدمرون الاقتصاد». تصريحات بومبيو ردت عليها وزارة الخارجية الإيرانية بوضعها في إطار «الحرب النفسية». وقال الناطق باسمها بهرام قاسمي، إن «هذه التعليقات تقوم على الشعبوية والمغالطة... الاقتصاد الإيراني أظهر نمواً طوال السنوات الماضية عندما كانت إيران تقاتل الإرهابيين»، مستنكراً «العقوبات غير الإنسانية والعدائية» التي تفرضها واشنطن للإضرار بالاقتصاد الإيراني.
(رويترز)