بات من غير المعروف إذا ستبقى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في منصبها، بعد أن تسببت مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي «بريكست» التي توصلت إليها ليل الأربعاء، في استقالة وزراء أساسيين في الحكومة وتمرد في حزب «المحافظين» الذي تترأسه. وبعد مرور أكثر من عامين على موافقة البريطانيين في استفتاء على الخروج من التكتل، لا يزال من غير الواضح كيف يتم الانسحاب ولا بأي شروط ولا حتى إن كانت لندن ستخرج في الموعد المقرر وهو 29 آذار/ مارس من العام المقبل.رئيسة الحكومة ظنّت مساء الأربعاء، أنها نجحت في الحصول على دعم فريقها الوزاري لمسودة اتفاق «بريكست»، بعد اجتماع ماراثوني دام لخمس ساعات، أو هذا ما أوحت به على الأقل، عندما خرجت أمام مقر حكومتها، لتلقي كلمة مقتضبة أعلنت فيها عن إيمانها «بعقلها وفؤادها» بأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو أفضل ما يمكن لبريطانيا الحصول عليه، بما أن البدائل هي إما الخروج من دون اتفاق، أو البقاء في الاتحاد الأوروبي، أي إلغاء «بريكست». لكن استقالة وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دومينيك راب، وثلاثة وزراء آخرين احتجاجاً على مسودة الاتفاق تسبب في تراجع قيمة الجنيه الاسترليني. وسعى مشرعون داخل حزب ماي لتحدي قيادتها علناً وأبلغوها «صراحة» أن مسودة الاتفاق لن تحصل على موافقة البرلمان. وكانت ماي قد تعهدت بالبقاء في منصبها وعندما طلب منها مستمع لمحطة إذاعة «أل بي سي» في اتصال هاتفي أمس، أن «تتنحى باحترام»، لم تتناول هذا الطلب على الفور في ردها على سؤال المستمع. وبعد ساعات، أعلنت رئاسة الحكومة أن وزير الدولة للصحة ستيفن باركلي عين وزيراً لـ«بريكست» مكان دومينيك راب، الذي استقال أول من أمس.

«سحب الثقة»
وغصّت تقارير وسائل الإعلام البريطانية بإشاعات عن أن ماي ستواجه اقتراعاً وشيكاً من جانب المشرعين عن حزب «العمال» بسحب الثقة منها. وعندما يقدم 48 مشرعاً خطابات بذلك إلى ما يسمى لجنة 1922 في الحزب، فستواجه ماي اقتراعاً بسحب الثقة منها تحتاج فيه إلى غالبية بسيطة من إجمالي الأصوات لتستمر في رئاسة الحزب والحكومة. وكتب المشرع مارك فرانسوا المؤيد لـ«بريكست» في خطاب عنوانه «إنها بالفعل لا تسمع»: «من أجل حزب المحافظين، وللحقيقة من أجل مصير البلاد، أعتقد بأمانة أن الوقت قد حان الآن لإيجاد قيادة جديدة يمكنها أن تحمل هذا البلد إلى خارج الاتحاد الأوروبي». ومع ذلك تعزز موقف ماي عندما أعلن مايكل جوف (51 سنة) وهو أبرز أعضاء حكومتها المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي مساندته لها قائلاً إنه «باقٍ» في منصب وزير البيئة. وعندما سُئل إن كان يؤيد رئيسة الوزراء، قال جوف الذي ضيّع على وزير الخارجية السابق بوريس جونسون فرصة زعامة الحزب ورئاسة الحكومة في اللحظة الأخيرة في عام 2016 «أؤيدها تماماً»، وأضاف: «أعتقد أن من المهم تماماً أن نركز على الحصول على الاتفاق الصحيح في المستقبل والتأكد من أن بإمكاننا الحصول على نتيجة جيدة في المسائل التي تهم الشعب البريطاني أكثر من غيرها».
أشاعت وسائل الإعلام البريطانية أن ماي ستواجه اقتراعاً وشيكاً


ووافق مؤيدون آخرون للخروج من الاتحاد الأوروبي على البقاء في الحكومة وفق تغريدة كتبها المحرر السياسي لصحيفة «صنداي تايمز» تيم شيبمان، والذي قال فيها «الاستقالة والانضمام إلى تمرد (على رئيسة الحكومة) لن يفيد بشيء». لكن صحافياً في صحيفة «ديلي تلغراف» قال إن ماي ستواجه اقتراعاً بسحب الثقة الأسبوع المقبل إذ «من المتوقع أن يقدم مشرعون من حزب المحافظين اليوم (أمس) الخطابات المطلوبة لفتح باب المنافسة على القيادة». وقال كبير المحررين السياسيين للصحيفة كريستوفر هوب على تويتر، نقلاً عن مصادر مطلعة على شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي، إن الاقتراع بسحب الثقة يمكن أن يجرى يوم الثلاثاء. ومن المقرر أن يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر للموافقة على اتفاق خروج بريطانيا.