حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا من القيام بأعمال «متهوّرة»، غداة قرار كييف فرض قانون الطوارئ ردّاً على التطورات التي شهدها البحر الأسود، بعد احتجاز حرس الحدود الروس ثلاث سفن أوكرانية. وتُعدّ هذه الأحداث المواجهة المفتوحة الأولى بين موسكو وكييف منذ ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 واندلاع النزاع المسلح في أوكرانيا.

قلق روسي بالغ
أجرى بوتين مكالمة هاتفية مع ميركل ليل أمس، عبّر لها عن قلق موسكو «البالغ» بسبب فرض قانون الطوارئ في أوكرانيا. وندد الرئيس الروسي بـ«الأعمال الاستفزازية من جانب أوكرانيا والانتهاك الصارخ لأحكام القانون الدولي من جانب سفنها البحرية»، معرباً عن الأمل في أن «تتمكن برلين من التأثير على السلطات الأوكرانية وإقناعها بعدم القيام بمزيد من الأعمال المتهورة»، وفق بيان للكرملين.
وكان البرلمان الأوكراني قد صوّت في وقت متأخر من مساء أمس لصالح فرض قانون الطوارئ في المناطق الأوكرانيّة الحدوديّة، بعد احتجاز روسيا الأحد ثلاث سفن أوكرانية قبالة القرم مع طواقمها البالغ عدد أفرادها نحو عشرين بحاراً. وفي خطاب متلفز، برّر الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، هذا الإجراء الذي لم يسبق له مثيل منذ استقلال الجمهوريّة السوفييتيّة السابقة في العام 1991، بوجود «تهديد مرتفع للغاية» بإمكان حصول هجوم برّي روسي. على أن يدخل قانون الطوارئ حيّز التنفيذ صباح يوم غد في نحو عشر مناطق أوكرانية حدودية خصوصاً مع روسيا وبيلاروسيا ومن جانب بحر آزوف. وسيُتيح على مدى شهر للسلطات الأوكرانية أن تقوم بتعبئة مواطنيها وتنظيم وسائل الإعلام والحدّ من التجمّعات العامّة.

حادثة البحر الأسود
وحصلت الحادثة بين حرس الحدود الروس التابعين لجهاز الأمن الفدرالي الروسي والسفن الأوكرانية في البحر الأسود مساء أول من أمس الأحد، عندما كانت هذه السفن تحاول عبور مضيق كيرتش للدخول إلى بحر آزوف الذي يعتبر حيوياً لصادرات الحبوب والفولاذ في شرق أوكرانيا.
الحادثة أدت إلى سقوط عدد من الجرحى بين الأوكرانيين (ستة أشخاص بحسب كييف) فيما تفيد موسكو عن إصابة ثلاثة أشخاص فقط، ما أثار احتجاجات في أوكرانيا ومن جانب حلفائها الغربيين.
ومثلت هذه الحادثة المرحلة الأخيرة من تصعيد بطيء للتوترات في محيط مضيق كيرتش الذي يفصل شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في عام 2014 وروسيا. وتطالب روسيا بالسيطرة على هذا المضيق، الممر البحري الوحيد الذي يربط البحر الأسود ببحر آزوف.
روسيا أكدت أنها تصرّفت «بشكل يتطابق تماماً مع القانون الدولي»، واتهمت السفن الأوكرانية وهي سفينتان حربيتان وقاطرة، بالدخول بشكل غير قانوني إلى المياه الإقليمية الروسية قبالة القرم وتعتبر ذلك استفزازاً من جانب كييف. كما اتهمت وزارة الخارجية الروسية التي استدعت يوم أمس، القائم بالأعمال الأوكراني في موسكو، كييف بـ«إيجاد ذريعة لتعزيز العقوبات» الغربية على روسيا المفروضة منذ 2014.
وتعليقاً على ما جرى، نددت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي يوم أمس، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بتحركات روسيا «الخارجة عن القانون» والتي تجعل «العلاقة الطبيعية» بين واشنطن وموسكو «مستحيلة». وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: «لم يعجبنا ما حدث»، مضيفاً «نحن نعمل على هذا الموضوع».
من جهته، اعتبر الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أن ما حصل الأحد «خطير جداً».
وأكد متحدث باسم الخارجية الفرنسية أنه لا يرى «مبرراً ظاهراً في استخدام روسيا القوة»، فيما نددت لندن بـ«العمل العدائي» الروسي.