بعد التراجع الحاد الذي مُنيّت به البورصات الأميركية نهاية الأسبوع الماضي، كان من المتوقع أن تلحق الخسائر ببورصة تل أبيب أيضاً، لكن بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإن «أحداً لم يتوقع أن تكون الخسائر كما حصل أمس». إذ أغلقت البورصة الإسرائيلية ليلاً على تراجع بنسبة 5 في المئة، أي أن المستثمرين خسروا ما يقرب 15 مليار شيكل (3.8 شيكل = 1 دولار أميركي) خلال يوم واحد فقط. أمّا الخسائر الشهرية للبورصة فبلغت نسبة 11 في المئة. هذا الرقم يعتبر الخسارة الأكبر للبورصة الإسرائيلية منذ عام 2011.وعلى رغم التفاؤل بأن يتحسن أداء بورصة تل أبيب اليوم، نظراً لنسب البطالة المنخفضة والتي بلغت (4 في المئة)، حذّر «بنك إسرائيل» المركزي في تقريره نصف السنوي من أن ارتفاع المضاربات على السندات المالية بعيدة المدى في الولايات المتحدة الأميركيّة، سيؤثر في الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل سلباً، وذلك لأنها ستؤدي إلى ارتفاع إضافي في أعباء المديونات على الشركات (المعدّل الفعلي لما تتحمله الشركات من أعباء مالية مرتبطة بديونها الحالية) الأمر الذي سيؤثر في تقييم الاستثمار في المشاريع التجاريّة. إضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الحاد في سعر الفائدة في إسرائيل والخارج، سيزيد من مخاطر الانخفاض الحاد في الأصول المالية الإسرائيلية.
تأتي هذه الضربة إثر اختتام بورصة «وول ستريت» أسوأ أسبوع لها منذ عام 2008، بخسائر حادّة وصلت في بورصة «ناسداك» إلى 8.36%، وفي «داو جونز» إلى 6.87%، والسبب في ذلك يعود إلى المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي، عقب رفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة بنسبة 0.25%، على رغم ضغوط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي ساهمت سياساته الاقتصاديّة والسياسيّة في زيادة الخوف من حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وعلى هذه الخلفية، توقف المستثمرون عن الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا والاتصالات، التي تعدّ قطاعات عالية القيمة، وما قد يزيد الوضع سوءاً إن حصل، هي الأنباء التي تناقلتها وكالة «رويترز» عن مصدرين مطلعين أن «ترامب ناقش سراً إمكانية إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، جيروم باول»، وهي خطوة قد تهز الأسواق المالية المضطربة بالفعل. على رغم ذلك، توّقع المصدران أن «ذلك لن يحصل (الإقالة)، على رغم اعتراض ترامب في السر والعلن على رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة، وتوجيهه انتقادات لباول، الذي عينه هو شخصياً».

«السترات الصفراء» الإسرائيلية
«السقوط الحر» للبورصة الإسرائيلية، كما أسمته الصحيفة، أتى بعد يوم واحد على تظاهرات «السترات الصفراء» في تل أبيب؛ حيث شارك مئات الإسرائيليين مستلهمين فكرة التحركات التي تحصل في باريس منذ شهرين، محتجين مثلهم على الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة. وقد أغلق هؤلاء شوارع ومفترقات طرق رئيسة، ووجهوا انتقادات حادّة لسياسة حكومتهم الاقتصادية، ولوزير الماليّة، موشه كحلون. ففي بداية عام 2019، تشهد إسرائيل موجة غلاء واسعة؛ حيث سترتفع أسعار الكهرباء والمياه والمواد الغذائية والمشروبات الخفيفة والتأمين والهواتف الخليوية ومنتجات أخرى كثيرة.
وبحسب ما ذكرته صحيفة «هآرتس»، فإن سلطة الكهرباء الإسرائيلية أعلنت أنها سترتفع الرسوم بنسبة بين 4.5 في المئة حتى 8.1 في المئة. كما سترتفع رسوم المياه بنسبة 4.5 في المئة، بسبب سنوات الجفاف الخمس الأخيرة التي أدت إلى شح المياه الصالحة للشرب، وأيضاً بسبب ارتفاع رسوم الكهرباء. كذلك سترتفع ضريبة «الأرنونا» (المسقفات)، بنسبة 2 في المئة. بالإضافة إلى ذلك، سترتفع أسعار المنتجات الغذائية بنسة 2 في المئة إلى 4 في المئة. أمّا رسوم المكالمات الخليوية وخدماتها فسترتفع حتى 15 في المئة، كما سترتفع أسعار الرحلات إلى خارج إسرائيل حتى 10 في المئة.