على الرغم من البوادر الإيجابية على تحسّن علاقة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، بكل من السعودية والإمارات، فإن إسلام آباد تُبقي الملفات القضائية لرجل الرياض وحليفها التاريخي رئيس الوزراء السابق نواز شريف، مفتوحة. وظل يتردد أن إطلاق سراح شريف وإغلاق ملفاته مطلب سعودي وشرط لتلبية مطالب رئيس الوزراء الجديد المتعلقة بالاقتصاد الباكستاني وتراجعه. هذا ما أوحى به إطلاق المحكمة شريف، بالتزامن مع زيارة عمران خان للسعودية في أيلول/ سبتمبر الفائت. أمس، قضت محكمة في إسلام آباد لمكافحة الفساد بسجن نواز شريف سبع سنوات وتغريمه 25 مليون دولار، بتهم الكسب غير المشروع. وجاء في حيثيات الحكم أن شريف لم يتمكن من إثبات مصدر الدخل الذي مكّنه من امتلاك مصنع للصلب في السعودية. وأصدرت المحكمة حكمها بشأن تهمتين، الأولى تتعلق بأصول يملكها شريف: مصنع الغزيزية للصلب في السعودية أنشأه والده في 2001، وشركة «فلاغشيب إنفستمنتس» أسسها ابنه حسن نواز، وعقارات فاخرة في المملكة المتحدة. وفيما برّأته من التهم الأخيرة، أدانت المحكمة شريف بتهمة مصنع السعودية لعدم الاستحصال على تفاصيل عن تمكن عائلة الرجل الذي أصبح رئيساً للوزراء ثلاث مرات، من الاستحواذ على المصنع بصورة قانونية. وترافقت جلسة المحكمة مع احتجاجات لمئات من أنصار شريف، احتشدوا خارج المحكمة وسط إجراءات أمنية مشددة وألقوا الحجارة واشتبكوا قبل صدور الحكم مع الشرطة التي واجهتهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع. ودائماً ما ينفي الرجل الاتهامات التي أطاحته من رئاسة الوزراء عام 2017 حين عزلته المحكمة العليا بعد نزع الأهلية عن توليه منصب رئاسة الوزراء، في أعقاب فضيحة أوراق بنما. ويرى شريف أن حملة القضاء عليه بدوافع سياسية و«مؤامرة» من الجيش والمحاكم على إنهاء مسيرته السياسية وضرب حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية». وقال أنصار شريف، أمس، إن الأخير سيطعن بالحكم الصادر بحقه، فيما نفى الجيش الباكستاني ممارسة أي نفوذ على الإجراءات القضائية.
لم يتمكّن شريف من إثبات مصدره لامتلاك مصنع الصلب


وسبق أن أصدرت المحكمة نفسها قراراً، في تموز/ يوليو الماضي، بسجن شريف عشر سنوات بتهم تتعلق بشراء الشقق الفاخرة في العاصمة البريطانية لندن، قبل أن يفرج عنه في أيلول/ سبتمبر بانتظار النظر في الطعن بالحكم. وبحسب قناة «بي تي في» الباكستانية الرسمية، سيجري نقله إلى سجن في لاهور. وقال خلف شريف في رئاسة الوزراء بعد عزله، شاهد خاقان عباسي، إن حزب «الرابطة» (جناح شريف) سيستأنف الحكم، لكن «لن نلجأ إلى العنف، معتبراً أن «الشعب الباكستاني والتاريخ لا يقبلان هذا الحكم». ويبقى مصير شريف مجهولاً بانتظار الاستئناف، في ظل غموض موقف الحكم الجديد الذي يتمسك بـ«محاربة الفساد»، وضبابية تأثير القضية في علاقات عمران خان الخارجية، وخصوصاً بعد إقدام الرياض وأبو ظبي على إيداع مبالغ مالية في إسلام آباد دعماً للاقتصاد الباكستاني، والحديث عن إمكانية زيارة كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد الإمارات محمد بن زايد، لباكستان، بداية العام المقبل.