«احتفال في إيران وقلق في إسرائيل»؛ «الاتفاق حوّل إيران من دولة محاصرة إلى لاعب في أروقة القوة العالمية»؛ «إنه الانتصار الإيراني». هذه هي أبرز عناوين الصحف العبرية، التي عبّرت أمس عن منسوب مرتفع من القلق والخشية، في أعقاب بدء تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران، ورفع العقوبات الدولية عنها.
خطة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بمنع وزرائه من التعليق على رفع العقوبات الدولية عن إيران، التي وصفها الإعلام العبري بأنها تعبير عن استراتيجية تقليص التعليقات والاعتراف الهادئ بالفشل، لم تلق صدى لدى الإعلام الإسرائيلي، الذي سمح للحدث بأن يفرض نفسه ويحتل العناوين وأبرز التعليقات. وما لم يرد على لسان الوزراء، تكفّل الإعلام بإبرازه.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن رفع العقوبات عن إيران يشكل «إخفاقاً دبلوماسياً سافراً بالنسبة إلى إسرائيل». وكتب معلق الشؤون العسكرية، أليكس فيشمان، تحت عنوان «العالم يحتضن إيران»، ليشير إلى أن الدبلوماسية الإسرائيلية أخفقت بشدة في إحباط الاتفاق النووي، وإقناع العالم بأنه يشكل خطراً عليها، بل على الشرق الأوسط والعالم.
وأضاف: «طهران هي التي انتصرت، بينما العالم الحر خسر خسارة كبيرة، مع بدء تطبيق بنود الاتفاق»، وقال: «وفقاً للرؤية الأمنية الإسرائيلية، إيران كانت، ولا تزال، تشكل التهديد المركزي للأمن الإسرائيلي، لا تنظيما داعش أو القاعدة». كذلك لفتت «يديعوت» إلى أن أكثر من 100 مليار دولار ستحرر فوراً وستتمكن إيران من وضع اليد عليها بعد تجميدها سنوات... «هذه الأموال ستصرف لإنعاش الاقتصاد الإيراني، ولكن أجزاءً كبيرة منها ستنقل مباشرة إلى حزب الله وإلى (الرئيس السوري بشار) الأسد».
صحيفة «هآرتس» رأت، بدورها، أن إيران تحولت إلى دولة مؤثرة في «أروقة القوة العالمية»، مشيرة إلى أن رفع العقوبات ينطوي على أهمية دبلوماسية كبيرة جداً، بل من المقدر أن تكون له مفاعيل سياسية إقليمية ودولية. وفق الصحيفة، فإن رفع العقوبات يعبّر عن واقع استراتيجي جديد في الشرق الاوسط، سينعكس على مجمل الساحات، بدءاً من إيران نفسها، مروراً بالعراق وسوريا والصراع القائم بين طهران والرياض. وأضافت: «... رفعت صفة الدولة غير العقلائية عن إيران، وتحولت الآن إلى دولة شرعية، يحق لها أن تتبوّأ مكاناً محترماً في إدارة الأزمات الاقليمية، وستتردد أصداء إيران في أروقة صنع القرارات الدولية».
أما صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقرّبة من نتنياهو، فوسّعت دائرة القلق من إسرائيل لتشمل أيضاً «الدول العربية المعتدلة». وتحت عنوان «احتفال في إيران وقلق في الشرق الأوسط»، تحدثت الصحيفة عن «انكفاء» الولايات المتحدة أمام إيران، واستعدادها لتسليم طهران مفاتيح المنطقة. ورأت أن الولايات المتحدة تسلّم بتعاظم قوة إيران وتتعامل معها على أنها «شريك في حل مشكلات في المنطقة، ومن بينها مستقبل سوريا والعراق والمعركة ضد داعش». ولفتت الصحيفة، عبر مقالة للكاتب ايال زيسر، إلى أن «الرئيس الأميركي باراك اوباما يرى في الاتفاق النووي درة تاج السياسة الخارجية الأميركية، وهو يصرّ على منع أحد من تخريب الاحتفال»، ولفت إلى ضرورة أن «يستيقظ أوباما وأن يدفع أميركا إلى الدور الذي يتوقعه منها أصدقاؤها وحلفاؤها» في مواجهة إيران.
من جهة أخرى، أشارت صحيفة «معاريف» إلى حالة إحباط في إسرائيل نتيجة رفع العقوبات. وتحت عنوان «احتفال في إيران وقلق في إسرائيل»، رأت «ضرورة التوقف أمام صيحات الفرح القادمة من إيران، مقابل صورة الوضع القلق في إسرائيل... تنظر تل أبيب بريبة واستغراب إلى سريان الدفء في العلاقات بين إيران والغرب»، مضيفة: «كل ما يجري حاليا انتصار إيراني، رغم كل الحرب القاسية التي شنّها نتنياهو ضد الاتفاق».
وبينما لفتت القناة الأولى العبرية إلى أن «إسرائيل في هذا اليوم الجهة الأكثر قلقاً في العالم»، أشارت القناة الثانية إلى أن رفع العقوبات يأتي في موازاة قلق إسرائيلي وضبابية في الثمن الذي ستتلقاه تل أبيب من واشنطن، تعويضاً عن البدء بتطبيق الاتفاق النووي، وأشارت «الثانية» إلى أن رفع العقوبات دفع الجميع إلى الوقوف في الصف أمام الإيرانيين لعرض خدماتهم، بدءاً من رجال الأعمال الأوروبيين، مروراً بالولايات المتحدة، وصولاً إلى آسيا وروسيا. كذلك ذكرت أن إسرائيل، حالياً، تتبنّى «استراتيجية تقليص التعليقات الرسمية قدر المستطاع»، والاكتفاء بـ«الاعتراف الهادئ بالإخفاق» في مساعيها لمنع الاتفاق مع إيران، مشيرة إلى أن تل أبيب تبحث عن استراتيجية ما، حول ما ينبغي فعله وما لا ينبغي فعله في مواجهة إيران.
مع ذلك، قد يكون وزير الخارجية الإسرائيلي السابق ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، الأكثر تعبيراً عن الموقف الإسرائيلي، بعدما توجهت القناة الأولى بسؤال إليه، تعليقاً على بدء تنفيذ الاتفاق النووي، فأجاب بكلمات محدودة جداً: «كل الخيارات على الطاولة؟ الكلب الذي ينبح لا يعض، ونحن خرجنا من كل هذا مجرد نمر من ورق».