بعدما نجح اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، حتى الآن، في احتواء مفاعيل نشر مسوّدة لائحة الاتهام بحق الأخير (بتهمتَي الرشوة وخيانة الأمانة)، بدا حزب «أزرق أبيض» كَمَن يفتش عن قضية أخرى يحاول من خلالها العودة إلى صدارة المشهد الحزبي، في معركة الرأي العام التي تعبّر عنها استطلاعات الرأي. تبلور هذا التوجه بعدما لمس خصوم نتنياهو أن الجمهور لن يكون غير مبالٍ إزاء كل ما يتصل بأمن الدولة، إذا ثبت تورط الرجل في «فضيحة الغواصات». ومع أنه لم يتضح حتى الآن المدى الذي ستبلغه هذه القضية، فإن مفاعيلها الإعلامية تتوالى بعد تقارير عن أن نتنياهو حصل على مكاسب بقيمة 16 مليون شيكل (100 دولار = 362 شيكل) من الاستثمار في شركة «تيسنكروب» التي تبني الغواصات، وامتلك أسهماً في «شركة صناعات الصلب» التابعة لابن عمه، التي بيعت للشركة الألمانية المعنية، في نهاية ولايته في وزارة المالية.
في هذه الأجواء، قررت قيادة «أزرق أبيض» شنّ هجوم سياسي ــــ إعلامي بشأن قضية الغواصات (الملف 3000)، على اعتبار أن الحديث يدور عن «فساد شخصي يمسّ أمن الدولة». إذ سارع كلّ من بني غانتس، ويائير لابيد، وموشيه يعلون، وغابي أشكنازي، إلى عقد مؤتمر صحافي مشترك رُكِّز فيه على هذه القضية، بوصفها «أكبر قضية فساد في تاريخ إسرائيل»، على أمل أن يتحقق عبرها ما لم يتحقق في قضايا الفساد الأخرى، على مستوى الرأي العام.
افتتح غانتس المؤتمر بقوله إنه «كُشف في الأيام الأخيرة عن تفاصيل جديدة وخطيرة في أكبر قضية فساد في تاريخ إسرائيل»، مضيفاً أن نتنياهو أخفى تلقيه 16 مليون شيكل من الصفقة، وهذه «أزمة ثقة خطيرة جداً». وأشار إلى أن رئيس الحكومة صدّق على بيع غواصات متطورة لمصر، من دون أن يعرف بالأمر أحدٌ من الجهات المخولة في الجهاز الأمني، متابعاً أن نتنياهو كذب عندما أنكر ذلك في مرحلة سابقة، وأنه «مسّ بثقة الجمهور وبالأمن». وبناءً عليه، تعهد رئيس الأركان السابق بأنه سيعمل على «تشكيل لجنة تحقيق رسمية في هذه القضية، مع جميع المتورطين فيها».
من المشكوك فيه فتح تحقيقات خلال الحملة الانتخابية


في السياق نفسه، ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أن الغواصات الألمانية التي بيعت لمصر تشكل تحدياً للجيش الإسرائيلي في المستقبل، وهو ما يستوجب توفير «رد ملائم»، بما أن الحديث يدور حول «سلاح مخلّ بالتوازن لم يكن موجوداً بحوزة مصر». وعلى هذه الخلفية، هاجم رئيس الأركان السابق، والقيادي في «أزرق أبيض»، غابي أشكنازي، نتنياهو، متهماً إياه بـ«المسّ بأمن الدولة، وبالتفوق النسبي للجيش الإسرائيلي في البحر الأحمر».
من جانبها، توجّهت «الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل» إلى المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، والمدعي العام شاي نيتسان، والقائم بأعمال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية موطي كوهين، مطالبة بتنفيذ تحقيقات استكمالية حول ظروف موافقة رئيس الحكومة على بيع ألمانيا غواصات متطورة للقاهرة، مع أن فتح تحقيقات خلال الحملة الانتخابية أمر مشكوك فيه، لكونه ينطوي على تداعيات انتخابية، ويُعَدّ تدخلاً لمصلحة طرف مقابل آخر.
في المقابل، أقرّ نتنياهو بأنه لم يقل الحقيقة في شأن حيازته أسهماً في مصنع «SeaDrift» الذي ينتج إضافات أساسية لصناعات الصلب مع قريبه ناتان ميليكوفسكي. وخلافاً لادعاءاته في السابق، بدّل نتنياهو روايته، ويدعي الآن أنه أصبح أحد مالكي الأسهم في المصنع عام 2007، عندما كان رئيساً للمعارضة. وكان قد كُشف عن الشراكة بينه وبين ميليكوفسكي قبل ثلاثة أسابيع، بعدما رفض الأخير طلبه الحصول على تمويل لتغطية مصاريفه القضائية.
على خلفية هذه المستجدات، أكد غانتس أنه لن يدخل في ائتلاف حكومي برئاسة نتنياهو. وأتى هذا الموقف بعد نشر تسجيلات صوتية للأول يقول فيها إنه «يغلق الباب ولا يقفله» أمام الدخول في ائتلاف مع غريمه. وفي محاولة لتبرير موقفه، ادعى غانتس أن تلك التسجيلات الصوتية سبقت اتضاح تفاصيل التهم، علماً أنها أعقبت نشر بيان المستشار القضائي للحكومة بشأن نتنياهو.