إسطنبول | تصدّر «العدالة والتنمية» الانتخابات المحلية في تركيا، كما كان متوقعاً. لكن خصوم إردوغان وشركاءه في «تحالف الشعب»، بقيادة «الشعب الجمهوري» المعارض، لم يسمحوا بفوز خالٍ من انتكاسات، أبرزها خسارة العاصمة السياسية أنقرة للمرة الأولى، فيما تبادل الطرفان إعلان الفوز في العاصمة الاقتصادية إسطنبول، في ظلّ تقارب شديد في الأصوات.حقّق «تحالف الشعب» في تركيا، المكوّن بشكل رئيسي من «حزب العدالة والتنمية» الحاكم و«الحركة القومية»، فوزاً على منافسه «تحالف الأمة» المشكل من حزبَي «الشعب الجمهوري» و«الحزب الجيد»، في الانتخابات المحلية في تركيا، التي جرت أمس، بحسب ما أظهرت النتائج الأولية بعد فرز أكثر من 90% من الأصوات، بمشاركة شعبية كبيرة بلغت 86.9%. الأرقام الواردة من مراكز الاقتراع أظهرت احتفاظ الحزب الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب إردوغان، بعدة ولايات رئيسة كانت قد جرت العادة على الفوز فيها، إضافة إلى نسبة مشابهة لما حصده في الانتخابات النيابية. لكن ما لم يتضح حتى ليل أمس نسبة المقترعين لـ«العدالة والتنمية»، والتي لا يستبعد أن تتراجع في ظل خسارته العاصمة أنقرة من جهة، واحتفاظه غير المؤكد بإسطنبول، وهو إن تم فسيكون بصعوبة بالغة وبفارق ضئيل، مع الإشارة إلى أن الطرفين أعلنا فوزهما بها.
وقد خسر «العدالة والتنمية» نحو 10 بلديات، فيما رفع «الشعب الجمهوري» رصيد البلديات الكبرى لديه من 13 إلى 20 بلدية، وبزيادة واضحة في نسبة الفوز. العاصمة أنقرة كانت أولى المفاجآت، حيث استطاع مرشح «تحالف الأمة» انتزاع الانتصار فيها للمرة الأولى منذ تسلّم «العدالة والتنمية» مقاليد الحكم في البلاد. فقد تصدّر منصور ياواش، مرشح «الشعب الجمهوري»، التصويت بنسبة 49.85% من الأصوات، مقابل 47.67% لمرشح «العدالة والتنمية» محمد أوزهسكي، مع فرز حوالى 80% من الأصوات، وهو ما اعتبره مراقبون هزيمة قاسية للحزب الحاكم.
وأعلن «العدالة والتنمية» احتفاظه برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى مع فرز أكثر من 98% من الأصوات، حيث احتل مرشح الحزب، رئيس الوزراء السابق بنعلي يلدريم، صدارة التصويت، بفارق ضئيل جداً، وحصل على 48.71% من الأصوات، مقابل 48.70% لمرشح «الشعب الجمهوري» المعارض، أكرم إمام أوغلو، وهو إن صحّ يعدّ انتصاراً خجولاً لـ«العدالة والتنمية» في معقله الرئيسي والأكبر، للمرة الأولى منذ 25 عاماً. لكن هذا الفوز الخجول بفارق نحو 3 آلاف صوت يفتح الباب أمام المعارضة للطعن بنتائج الانتخابات، وطلب إعادة الفرز في مدينة يبلغ عدد ناخبيها نحو 10 ملايين، علماً بأنه حتى وقت متأخر من ليل أمس لم تعترف المعارضة بالإعلان، بل أعلنت بدورها فوزها بالعاصمة الاقتصادية.
إردوغان: الأكراد أكدوا أنهم لن يسلّموا إراداتهم للمنظمة الإرهابية


وفي إزمير، ثالثة أكبر مدينة تركية، ومعقل «الشعب الجمهوري»، تقدم مرشح الحزب المعارض بنسبة 58.11% من الأصوات، مقابل 38.12% لمرشح «العدالة والتنمية»، وزير الاقتصاد السابق نهاد زيبكجي، مع فرز أكثر من 80% من الأصوات. وتقدم مرشحو «تحالف الأمة» المعارض في مدن رئيسة أخرى، حيث انتزع مرشح «الشعب الجمهوري»، زيدان قارالار، انتصاراً مهماً في ولاية أضنة، بنسبة فاقت الـ 52%، مقابل مرشح «الحركة القومية» و«تحالف الشعب» حسين سوزلو، الذي حقق نسبة 43.51%، وهو ما يعدّ تراجعاً كبيراً لتحالف «العدالة والتنمية».
أما ولاية أنطاليا، المدينة السياحية، فقد انتزعتها المعارضة بعدما احتفظ بها الحزب الحاكم لأكثر من 17 عاماً، حيث صوّت 50.71% لمرشح «الشعب الجمهوري» محيي الدين بوجيك، مقابل 46.44% لمنافسه مرشح «العدالة والتنمية» مندريس تورل. واستعاد «الشعب الجمهوري» رئاسة بلدية مرسين بعدما كان قد خسرها في الانتخابات الماضية لمصلحة «الحركة القومية». وانحصرت اختراقات «العدالة والتنمية» الجديدة في انتزاع الفوز في مدن ذات أغلبية كردية على حساب «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، حيث استطاع «العدالة والتنمية» انتزاع بلديات كل من شيرناق وبتليس وآغري وموش، للمرة الأولى، وهو ما يضع «الشعوب» أمام تحدّ. وشهدت الانتخابات المحلية التركية مفاجآت أخرى عدة، كان منها فوز «الحزب الشيوعي» التركي للمرة الأولى ببلدية ولاية تونج إيلي شرق الأناضول ذات الأغلبية الكردية، متفوقاً على منافسيه من باقي الأحزاب، وهو ما لم يكن في الحسبان حتى في استطلاعات الرأي.
وفي أول تعليق له، هنأ إردوغان الشعب التركي بنجاح الانتخابات والتجربة الديموقراطية في البلاد، وقال: «حزب العدالة والتنمية أحرز مجدداً المرتبة الأولى في الانتخابات بفارق كبير، كما جرت العادة منذ انتخابات نوفمبر 2002». وعن المناطق التي كسبها والتي خسرها «العدالة والتنمية»، علق إردوغان قائلاً: «نقرّ بأننا كسبنا قلوب الشعب التركي في المناطق التي فزنا فيها، وأننا لم نحقق النجاح المنشود في المناطق التي خسرناها، وسنحدد مسارنا المستقبلي في ضوء ذلك». وأكد الرئيس إردوغان أن على أجندة العدالة والتنمية «برنامج إصلاحات مهماً للغاية». ولفت إلى أن «الذين يحاولون تركيع شعبنا عبر زعزعة وحدته وتضامنه خسروا مجدداً». وأوضح أن نتائج الانتخابات المحلية أظهرت أن «إخوتنا الأكراد أكدوا أنهم لن يسلّموا إراداتهم للمنظمة الإرهابية (بي كا كا)»، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني».