«اليوم هو ثاني أسعد يوم في نظري». هكذا عبّر مستشار الأمن القومي في «البيت الأبيض»، جون بولتون، عن «النصر» الذي حققته إدارة الرئيس دونالد ترامب، على خلفية رفض «المحكمة الجنائية الدولية» التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية وقوات الأمن الوطني الأفغانية المتحالفة مع الولايات المتحدة، فضلاً عن «حركة طالبان» و«شبكة حقاني».هذا الإعلان الأميركي جاء بعدما اعتبر قضاة «الجنائية الدولية»، أمس، أن «التحقيق حول الوضع في أفغانستان في هذه المرحلة لن يخدم مصالح العدالة». ولم تتأخر المحكمة في اتخاذ القرار لأكثر من أسبوع بعد سحب الولايات المتحدة تأشيرة دخول للمدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا. وكان طلب الأخيرة الذي تم تقديمه إلى المحكمة يتضمن توجيه اتهامات إلى الجيش الأميركي و«وكالة الاستخبارات المركزية» بارتكاب «أفعال تنطوي على تعذيب، واعتداء على الكرامة الشخصية، واغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي»، في عامي 2003 و2004.
وبينما رحّب ترامب بقرار «الجنائية الدولية» واعتبره «نصراً دولياً»، حذّرها في بيان مكتوب من أن «أي محاولة لمقاضاة أفراد أميركيين أو إسرائيليين، أو من الحلفاء، سوف تلقى استجابة سريعة وقوية»، في إشارة إلى شكاوى رفعها فلسطينيون تدعو المحكمة إلى فتح تحقيق بشأن انتهاكات إسرائيلية. ولفت بيان «البيت الأبيض» إلى أن «الولايات المتحدة رفضت منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، الانضمام إليها بسبب صلاحياتها القضائية الواسعة وغير الخاضعة للمساءلة، والتهديد الذي تمثله للسيادة الوطنية الأميركية».
ولا يخرج التهديد الأميركي لـ«الجنائية الدولية» عن سياسة إدارة ترامب في القفز فوق كل القوانين والأعراف الدولية، والسعي إلى الانسحاب من الالتزامات مع أي أطراف أخرى. فإلى جانب قرارات «البيت الأبيض» في شأن القدس والجولان المحتل، انسحبت الولايات المتحدة، منذ تنصيب ترامب، من «اتفاق باريس» للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، وتخلت عن اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وسحبت عضويتها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لأنه «انتقد إسرائيل». كما لن ترشّح إدارة ترامب ممثلاً عنها لعضوية «لجنة الأمم المتحدة المعنية بالعنصرية»، وفق ما نقلت وسائل إعلام أميركية أمس.
واللافت أن «النصر» الأميركي الجديد جاء فيما طالبت الأمم المتحدة بتقديم الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير، إلى «الجنائية الدولية»، على خلفية أحكام صدرت بحقّه سابقاً، وبعد سنوات من التنديد الأميركي بعدم تسليم بعض البلدان، البشير، إلى المحكمة.