اختتم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، جولته اللاتينية في مدينة كوكوتا الكولومبية المحاذية للحدود الفنزويلية، حيث التقى لاجئين فنزويليين، في رسالة استفزاز واضحة من منطقة تُعرف بمدى حساسيتها بعدما شهدت في شباط/ فبراير الماضي محاولات أميركية لإدخال مساعدات. بومبيو، الذي استغلّ ملف «الأزمة الإنسانية»، طالب الرئيس مادورو بفتح المنافذ الحدودية مع كولومبيا أمام عبور الفنزويليين والمساعدات. ومن هناك، وخلال تفقده مع الرئيس الكولومبي إيفان دوكي معبراً حدودياً في المدينة تُخزّن فيه مساعدات أميركية أُرسلت إلى فنزويلا، أضاف قائلاً: «السيد مادورو، افتحوا هذه الجسور والحدود، بوسعكم إنهاء هذا الأمر اليوم، وآمل أنكم ستهتمون بتغيير وسائلكم لدى رؤيتكم المأساة». أما الرئيس الكولومبي، فقد عمد بدوره إلى مهاجمة الرئيس الفنزويلي، معرباً عن أمله في «محاكمة مادورو في محكمة الجنايات الدولية». وعن الحملة الاقتصادية والسياسية التي تشنّها بلاده على فنزويلا، قال بومبيو: «نتعهد عبر استخدام العقوبات وإلغاء التأشيرات وغيرها من الوسائل، بأن نحمّل النظام ومن يدعمه مسؤولية فسادهم وقمعهم للديموقراطية».أما بخصوص الدول الحليفة لكاراكاس، فقد وجّه إليها بومبيو تحذيراً حاد اللهجة، مفاده أن واشنطن ستوضح لموسكو وهافانا أنهما «ستدفعان ثمن دعمهما» للحكومة الفنزويلية. وهذه ليست المرة الأولى التي يحذّر فيها مسؤولون أميركيون الدول الداعمة لفنزويلا على اعتبار أنها «تتدخل في الأزمة»، خصوصاً كوبا التي أكدت منذ بداية الأزمة موقفها الداعم، وآخر مظاهره قبل أيام حين شدد زعيم «الحزب الشيوعي»، راؤول كاسترو، على أن بلاده «لن تتخلى عن دعم حكومة نيكولاس مادورو ولن ترضخ للابتزاز الأميركي». وذهب كاسترو أبعد من ذلك في التمسك بالموقف، عبر دعوة الكوبيين إلى الاستعداد لاشتداد الحرب والحصار الاقتصادي، بعد تهديد واشنطن بفرض عقوبات جديدة.
موسكو وكاراكاس تُجريان تحقيقاً مشتركاً في الهجمات السيبرانية


كذلك الأمر بالنسبة إلى الصين، التي تعرضت لهجمات أميركية على خلفية موقفها من الأزمة، كان آخرها الجمعة حين قال بومبيو من تشيلي إن «تمويل بكين لنظام مادورو أسهم في تفاقم الأزمة وإطالة أمدها». كلام بومبيو استدرج رداً صينياً رسمياً قاسياً، أتى على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية لو كانغ، الذي وصف التصريح بـ«الكذب». وقال كانغ أمس إن بومبيو «أهان بكل استهتار العلاقات بين الصين ودول أميركا اللاتينية»، مشيراً إلى أن واشنطن تعتبر أن المنطقة بمثابة «ساحتها الخلفية». ولفت إلى التصريحات الأميركية المتكررة التي تحمل إهانات للصين، ناعتاً كلامهم وأفعالهم بأنها «خسيسة»، ومؤكداً أن «الأكاذيب تبقى أكاذيب ولو تم تكرارها ألف مرة». وبسخرية ظاهرة، قال كانغ: «سيد بومبيو، بإمكانك التوقف عن ذلك».
على خط مواز، وفي سياق الإجراءات المتخذة لمواجهة «حرب الماء والكهرباء» التي تنتهجها الولايات المتحدة كأداة ضغط على مادورو، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ سيرومولوتوف، أن موسكو وكاراكاس «تُجريان تحقيقاً مشتركاً في الهجمات السيبرانية على منشآت الطاقة الكهربائية». ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية عن سيرومولوتوف قوله: «نقدم كل المساعدة اللازمة للأصدقاء الفنزويليين، وتفيد المعلومات المتوافرة لدى حكومة فنزويلا، وكذلك المعلومات الواردة من مصادر موثوقة أخرى، بأن قطاع الكهرباء الفنزويلي تعرض لهجمة سيبرانية من الخارج في السابع من آذار/ مارس الماضي». وأشار إلى أن الاعتداء استهدف منظومة محطات توزيع الطاقة الفنزويلية، وأن المعدات والأجهزة المستخدمة في المحطات الفنزويلية المستهدفة مصنوعة في إحدى الدول الغربية، ما سهّل معرفة سبل اختراقها.