أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، بتأييد من وزير العدل بيل بار، براءته في التحقيق الذي أجراه المحقق الخاص، روبرت مولر، في شأن التدخل الروسي المحتمل في انتخابات الرئاسة، والتواطؤ المزعوم لحملة ترامب الانتخابية مع روسيا، وذلك قبل نشر تقرير مولر الذي طال انتظاره. وكتب ترامب على موقع «تويتر» «اللعبة انتهت»، وأضاف: «أنا في أحسن حال اليوم».وبعد نحو ساعة، نشرت وزارة العدل كامل التقرير ــــ على رغم استثنائها أجزاء منه ــــ الذي يثير كذلك تساؤلات في شأن تصرفات ترامب، ويكشف أن المحققين «لم يتمكنوا» من تبرئته من تهمة عرقلة العدالة. وكان بار قد كشف، قبل أربعة أسابيع، في ملخّص للتقرير، أن مولر أكد عدم وجود تواطؤ بين ترامب والعملاء الروس الذين سعوا إلى التأثير على انتخابات الرئاسة عام 2016 لترجيح كفة ترامب. وأكد بار ذلك مجدداً، في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل وقت قصير من نشر التقرير، وقال: «أصبحنا نعلم الآن أن العملاء الروس الذين نفذوا هذه المخططات، لم يحصلوا على أي تعاون من الرئيس ترامب أو حملته الانتخابية»، مضيفاً إن «المحقق الخاص لم يعثر على أي تواطؤ للأميركيين، هذا هو بيت القصيد».
وانتهت السرية الشديدة التي أحاطت بتحقيق مولر الذي استمر 22 شهراً بشكل مفاجئ أمس، عندما تم توزيع التقرير المؤلف من نحو 400 صفحة على الكونغرس والإعلام والعامة. ويأتي نشر التقرير ليطلق موجة جديدة من العاصفة السياسية التي شغلت واشنطن طوال النصف الأول من رئاسة ترامب. وفيما كان المعارضون يأملون أن يوجّه مولر التهم لترامب بارتكاب جرائم، أو يوفر أدلة تشكل أساساً لعزل الرئيس، إلا أن نتيجة التقرير، حتى الآن، تميل إلى كفة الرئيس اليميني. وكتب ترامب على «تويتر»: «لا تواطؤ. لا عرقلة. انتهت اللعبة»، فيما قال لاحقاً في بداية كلمة: «أنا في أحسن حال اليوم».
ترامب واثق بأن خصومه فشلوا في «الخيانة» لتدمير رئاسته


كلام ترامب جاء بعدما كان بار قد سعى جاهداً إلى تبرئته من المزاعم بأن تصرفاته ــــ وضمنها الهجمات العلنية على مولر وإقالة رئيس مكتب التحقيقات الفدرالية (اف بي آي) جيمس كومي آنذاك ــــ لا يحاسب عليها القانون. وكان بار، الذي عيّنه ترامب، قد أكد ذلك في ملخصه لتقرير مولر قبل شهر، على رغم أنه أشار إلى أن مولر نفسه لم يتمكن من الحكم بشكل واضح في هذه القضية. وفي المؤتمر الصحافي، قال بار إنه لا يزال متمسكاً بحكمه، مشيراً إلى أن ترامب لم تكن لديه نية لعرقلة التحقيق، بل كان يشعر بـ«الإحباط والغضب» فقط. وأضاف: «لقد تعاون البيت الأبيض، بشكل تام، مع تحقيق المحقق الخاص، ووفّر حرية الاطلاع على وثائق الحملة والبيت الأبيض، ووجّه كبار المساعدين إلى الإدلاء بشهاداتهم بحرية». وتابع: «وفي الوقت ذاته، لم يقم الرئيس بأي خطوة حالت دون إطلاع المحقق الخاص على أي وثائق أو شهود لإكمال تحقيقه، ولم يستخدم أي صلاحيات يمتلكها» للقيام بذلك. كذلك، أشار إلى أنه «بناءً على الحقائق والمعايير القانونية المطبقة، لم نتمكن من الوصول إلى ذلك الحكم».
نظراً إلى التوتر الشديد في واشنطن، والانقسام في البلاد قبل انتخابات الرئاسة عام 2020، من المرجّح أن يستمر النقاش المحتدم حول ما حدث. ما أجمعت عليه غالبية الصحف الأميركية، التي انكبّت على التمعّن في صفحات التقرير، أن هذا الأخير يشير بوضوح إلى أن «التحقيق لم يبرّئ الرئيس»، وذلك في إشارة إلى تهمة إعاقة العدالة. هذا فضلاً عن جملة أخرى استشهد بها التقرير، ووقف عندها الإعلام وهي أن ترامب قال إن تعيين مولر يؤشّر إلى «نهاية رئاستي». عبارة لا تزال مبهمة في ظل عدم تجلّي أسبابها.
ترامب واثق تماماً بأن خصومه فشلوا في ما يصفه بـ«الخيانة» على أعلى مستوى لتدمير رئاسته. وقال قبل المؤتمر الصحافي الذي عقده بار: «أكبر خدعة سياسية في التاريخ! جرائم يرتكبها المحتالون والشرطة القذرة والديموقراطيون».
وكان الديموقراطيون قد اتهموا بار بأنه يعمل على تبييض التقرير، وهم سيسعون إلى الحصول على مزيد من التفاصيل والشهادات مستقبلاً، وبينها شهادة مولر.