بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من تطوّرات بشأن التصعيد الأميركي ــ الإيراني، لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمنّن النفس بالحدّ الأدنى من التطلّعات، مفترضاً أنّ طهران ستتفاوض، قريباً، مع واشنطن. ومن دون الاستناد إلى منطق واضح يطلق على أساسه هذه الأمنيات، أعرب عن «ثقته بأنّ ايران سترغب قريباً في إجراء محادثات» مع الولايات المتحدة، رغم التوتر المتصاعد بين البلدين.ترامب نفى عبر «تويتر» أي «خلاف داخلي» في الإدارة بشأن «سياسة الحزم (التي ينتهجها) في الشرق الأوسط»، وقال: «يجري التعبير عن آراء مختلفة، وأتخذ القرار النهائي والحاسم، إنها عملية بسيطة جداً». ولكن لم يلبث أن أدلى بهذه التغريدة، حتى نقلت وكالة «رويترز» عن مصدرين مطّلعين على تقييمات الأمن القومي قولهما إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أنّ «إيران شجّعت الحوثيين اليمنيين أو فصائل شيعية متمركزة في العراق على تنفيذ هجمات يوم الأحد، على أربع ناقلات نفط قرب مضيق هرمز». وأشار المصدران إلى أنهما يعتقدان بأنّ الهجمات استفزاز خطير من جانب إيران، يمثل تهديداً كبيراً للملاحة البحرية. في غضون ذلك، لم تغيّر إيران في موقفها الردعي في مواجهة مواقف ترامب المتقلّبة وتصريحات إدارته المتناقضة، فأعلن قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أن إيران على شفا «مواجهة شاملة مع العدو»، واصفاً المرحلة بأنها «مصيرية» بالنسبة إلى البلاد. وقال سلامي إن «إيران تعيش قمة المواجهة مع العدو بكل المقاييس»، مشيراً إلى أن «العدو يمارس استراتيجية الحد الأقصى من الضغوط على طهران». رغم ذلك، أكد سلامي أن واشنطن «ستعجز عن كسر ثبات الشعب الإيراني وإرادته»، مشيراً إلى أن «الأعداء وصلوا إلى خط النهاية، وعلى الرغم من قوتهم الظاهرية، إلا أنهم يعانون من ضعف في الداخل».
بدوره، جدّد وزير الدفاع أمير حاتمي، استعداد بلاده لمواجهة التهديدات العسكرية التي توجهها واشنطن «وأذنابها الإقليميون». حاتمي، الذي أكد أن الشعب الإيراني «سيذيق جبهة الأميركيين والصهاينة مرارة الهزيمة»، تطرق إلى ما وصفه بـ«فشل مؤامرات الأعداء ومخططاته... ولا سيما الهزائم الأخيرة للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق». وأكد أن «الأميركيين، عقب هذه الهزائم المشينة، لجأوا إلى شنّ حرب اقتصادية شاملة على الشعب الإيراني».
ليس لدى طهران من الآن فصاعداً حدّ لإنتاج اليورانيوم المخصّب والمياه الثقيلة


التحذيرات الإيرانية جاءت في وقت أبلغ فيه مسؤول مطلع في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وكالة أنباء الطلبة «إسنا»، بأن «إيران تحلّلت رسمياً من بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى العالمية عام 2015». وقال إن ذلك الإجراء «جاء استجابة لأمر من مجلس الأمن القومي الإيراني»، موضحاً أن «إيران ليس لديها حد من الآن فصاعداً لإنتاج اليورانيوم المخصّب والمياه الثقيلة». كذلك، أعلنت إيران أن وزير خارجيتها محمد جواد ظريف سيعقد لقاءً مع وزراء خارجية الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، لينقل لهم وجهة نظرها بشأن مصير الاتفاق.
في غضون ذلك، بالتوازي مع اللهجة الإيرانية غير الراضخة، تواجه الإدارة الأميركية انعداماً للثقة بمخطّطاتها بشأن إيران، من قبل الحلفاء والخصوم. وفيما بدا رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كمن ينفث في الجمر، داعياً إلى الاصطفاف في وجه طهران لردع «عدوانها»، أعرب الكرملين عن قلقه من استمرار «تصاعد التوتّر»، وذلك رغم طمأنات وزير الخارجية مايك بومبيو بأن بلاده لا تريد حرباً مع إيران. وقد أكد المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف أن «إيران لا تتخذ هذه القرارات طوعاً، بل رداً على الضغط»، مضيفاً أن «أعمال الولايات المتحدة هي تحديداً ما يستفزّ طهران».
بدوره، رأى الرئيس فلاديمير بوتين أن «الأحرى بإيران البقاء في الاتفاق النووي وعدم الخروج منه مهما كانت الظروف»، معلّلاً ذلك بالقول إن «الجميع سينسون لاحقاً أن واشنطن هي من انسحبت أولاً وسيتّهمون طهران». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النمساوي، أعرب بوتين عن أسفه لما يحصل لاتفاق إيران النووي، مشدداً على أن روسيا ليس بإمكانها أداء دور «فرقة إنقاذ» على أساس دائم على الساحة العالمية. على الصعيد الإماراتي، صرّح وزير الخارجية أنور قرقاش، بأنّ بلاده ملتزمة خفض التصعيد في منطقة الخليج، بعد واقعة تعرّض أربع سفن لهجوم قبالة الإمارات. وقال: «نحن ملتزمون خفض التصعيد، وبالسلام والاستقرار... علينا أن نلزم الحذر وألّا نطلق الاتهامات». وأضاف: «لقد دعونا دائماً إلى ضبط النفس، وسنبقى ندعو إلى ذلك». لكنه اعتبر، في الوقت ذاته، أن «الوضع صعب بسبب التصرف الإيراني»، داعياً طهران إلى تغيير سياساتها الإقليمية. كذلك، أكد الوزير الإماراتي أن الحادثة «لن تنتهي بالتحقيقات»، وأن بلاده «ستتمهل في الرد». وأشار إلى أن شركاء بلاده الأميركيين والفرنسيين «يساعدونها في التحقيقات». ورأى قرقاش أنّ «العقوبات على إيران أنجزت أهدافها وكل الدول تتفق على أن إيران تريد الزعزعة، ومن الضروري أن تستجيب طهران لقلق الأسرة الدولية بشأن برنامجها الباليستي».



الرياض تشكو طهران و«أنصار الله» إلى مجلس الأمن
في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن عبر مندوبها الدائم عبدا لله المعلمي، حمّلت الرياض المسؤولية الكاملة لطهران و«أنصار الله» عن الهجوم الذي نُفّذ، الثلاثاء، على منشآت نفطية في المملكة. ووفق الإعلام السعودي، تضمّنت الرسالة اتهاماً سعودياً لـ«أنصار الله» بأنهم «استخدموا سبع طائرات من دون طيار في الهجوم». كذلك، وجّه من السفيرين، السعودي والإماراتي، رسالة أخرى مشتركة إلى المجلس والأمين العام أنطونيو غوتيريش، بشأن الهجوم الذي وقع الأحد الماضي ضد أربع سفن في المياه الدولية قبالة المياه الإقليمية وسواحل الإمارات. وقالت الرياض وأبو ظبي في الشكوى، إن «الهجمات هددت أمن حركة التجارة الدولية والملاحة البحرية، وحياة الطواقم على متن السفن، وزادت خطر حدوث كارثة بيئية».