على عكس كل من الرياض وأبو ظبي واختيارهما الاشتراك في حملة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على إيران، يفضّل كل من سلطنة عمان والكويت والعراق النأي بالنفس عن رغبات واشنطن في الانقياد إلى سياسة التوتير والصدام مع طهران. وبعد التحرّك العماني في الأيام القليلة الماضية باتجاه تفعيل قنوات الوساطة والحوار، حسمت الكويت موقفها من تطورات الأحداث. فرغم التجييش السعودي والدعوة إلى الاصطفافات التي تتجلى في قمم مكّة المنتظرة، أكد البرلمان الكويتي أمس دعم الموقف الرسمي للبلاد في «تعزيز الأمن والسلم في المنطقة» بتبنّي «الحياد الإيجابي» تجاه النزاعات القائمة عبر الحرص على حلّ الخلافات سلمياً عبر الحوار.وجاء في بيان للبرلمان أنه «تابع باهتمام بالغ التطورات الأمنية والعسكرية والسياسية البالغة الخطورة»، مضيفاً أن ذلك «يتطلب اتخاذ أقصى درجات الحذر والحيطة، وتبني الإجراءات اللازمة للحيلولة دون دخول المنطقة في حلقة من النزاعات والخلافات التي ستدمر الدول والشعوب». كذلك تمنى أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح أن «یعود الهدوء إلى المنطقة وأن تسود الحكمة والعقل في التعامل مع الأحداث من حولنا». وقال الصباح محذّراً: «یدرك جمیعنا أننا نعیش في ظروف بالغة الدقة والخطورة، ویدرك أیضاً وتیرة التصعید المتسارعة في منطقتنا»، مشيراً في حديث أمس، إلى أن «الدبلوماسية الكويتية ترتكز على الحرص بمدّ جسور السلام وإرساء التعاون بین دول وشعوب العالم لخلق مصالح مشتركة بعیداً عن التدخل في شؤون الآخرین والحفاظ على حسن الجوار».
أما في العراق، فشهد البلد أمس زيارة جديدة لوفد أميركي هدفه تكرار الضغوط على بغداد لالتزام العقوبات على طهران. الوفد ترأسه مساعد وزير الخزانة، مارشال بيلينغسي، الذي قدّم إلى المسؤولين العراقيين ما ادعى أنها «قائمة بأسماء شركات ومصارف إيرانية تحتال على العقوبات الأميركية عبر العراق»، مهدّداً، كما أفادت وسائل إعلام عراقية، بإمكانية شمول العراق «بعقوبات قاسية إذا ما استمر بتوفير ملاذات آمنة للنشاطات المصرفية الإيرانية وغضّ النظر عن مصارف وشركات تجارية إيرانية بواجهات عراقية».
تمنى أمير الكويت عودة الهدوء إلى المنطقة وأن «تسود الحكمة والعقل»


رغم التهديدات الأميركية، فإن الموقف العراقي من تصاعد التوتر، لخّصه رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، بإعلان حكومته اعتزامها إرسال وفود إلى كل من الولايات المتحدة وإيران، كاشفاً أن بغداد تجري «اتصالات عالية المستوى بين واشنطن وطهران، ونحاول نزع فتيل الأزمة، بالاستفادة من علاقاتنا الدبلوماسية». وزاد عبد المهدي بالقول: «العراق في مرحلة نقل الرسائل ورؤيته قريبة جداً من الرؤية الأوروبية لتسوية الأزمة في المنطقة»، لافتاً إلى أن كلاً من الإيرانيين والأميركيين أكدوا عدم الرغبة في خوض الحرب. وشدد على أن «جميع القوى العراقية متفقة على أهمية إيجاد حل للأزمة في المنطقة، ولا يوجد من يريد تأجيج الأوضاع».
في غضون ذلك، قال القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، باتريك شاناهان، إن الإجراءات العسكرية لبلاده ضد إيران «كانت حكيمة جداً، وأوقفنا احتمال شنّ هجمات على الأميركيين، وهذا هو المهم للغاية»، مضيفاً: «في فترة ما زال فيها التهديد مرتفعاً ومهمتنا هي التأكد من عدم حدوث سوء تقدير من جانب الإيرانيين». ولفت شاناهان، بعد إفادة قدّمها إلى الكونغرس، أن ما يجري هو «بشأن الردع وليس الحرب. نحن لسنا على وشك الذهاب إلى حرب».
هذه التصريحات الأميركية المائلة إلى التهدئة نسبياً على صعيد التوتر العسكري رأى فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني تراجعاً، معتبراً أن «وحدة الشعب الإيراني غيّرت قرار ترامب بشأن الحرب، ولا سيما بعد تلقيه تحذيراً من مساعدين عسكريين له من خوض حرب مع طهران». وفي الوقت نفسه، أفاد الكرملين أمس بأن كلاً من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكدا في اتصالين مع الرئيس فلاديمير بوتين أهمية الحفاظ على الاتفاق النووي والتزامهما التعاون اقتصادياً مع طهران.



استطلاع: غالبية الأميركيين لا تريد الحرب
أظهر استطلاع لمؤسستي «رويترز» و«إبسوس» أن 60% من الأميركيين يرون أن الولايات المتحدة يجب ألا تشن هجوماً استباقياً على الجيش الإيراني، مقابل 12% فقط يؤيدون هجوماً من هذا القبيل. في الوقت نفسه، أيّد 79% رداً عسكرياً في حال بدء إيران الهجوم، وقد أيد 40% الرد «المحدود» بضربات جوية، مقابل 39% عبروا عن دعمهم لـ«غزو كامل» في هذه الحالة. وأظهر الاستطلاع أن 61% من الأميركيين لا يزالون يؤيدون الاتفاق النووي، وأن 39% يؤيدون سياسة دونالد ترامب تجاه طهران، مقابل 49% غير راضين عن أسلوب معالجة ترامب العلاقات مع إيران، فيما أبدى 31% «استياءً شديداً». وبيّن الاستطلاع أن 51% من البالغين لديهم شعور بأن بلدهم ستخوض حرباً مع إيران خلال السنوات القليلة المقبلة.
(رويترز)