طهران | منذ انطلاق حاملة الطائرات الأميركية «أبراهام لينكولن» إلى المنطقة، والتي رافقها استعدادٌ إيراني للدفاع، زاد منسوب الارتباك لدى إدارة الرئيس دونالد ترامب، يبدو أنه ليس هناك من يصدّق التأكيد الأميركي على عدم نية «العم سام» الهجوم عسكرياً على إيران، كما لم يصدّق أحد تعهّد طهران بعدم إغلاق مضيق هرمز في أي حال. التحركات العسكرية التي أبدتها إيران تحسباً لأي طارئ على حدودها الجنوبية البحرية، والتي لم تكن بعيدة عن الأنظار، تكشف بحدّ ذاتها هشاشة الوضع الأمني في الخليج، ما يدفع بأكثر من دولة نحو التحرك من أجل تهدئة التوتر وتجنيب المنطقة نشوب الحرب بين إيران والولايات المتحدة. بناءً عليه، شهدت إيران خلال الأسبوع الجاري زيارات وفود سياسية، معلنة وسرية، تحاول احتواء الأزمة التي لن تقتصر نيرانها على البلدين المتورّطين، بل تتعداهما إلى جميع دول المنطقة. وبعد زيارة سرية لمبعوث قطري لطهران، أعادت زيارة وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، المفاجئة، الاثنين الماضي، إلى الأذهان، الوساطة الناجحة التي قامت بها سلطنة عُمان بين البلدين في عهد الرئيس باراك أوباما، وأدت إلى المفاوضات النووية. ما يميز «الوساطتين» هو أن طهران في عام 2012 لم تثق بواشنطن إلا بعدما طمأنتها مسقط إلى أن أوباما يعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم على أراضيها وبالسيادة الإيرانية. لكن يبدو أن الزائر العماني اليوم لم يحمل معه أي رسالة تستحق النظر، سوى أن ترامب مستعد للتفاوض، مع تأكيد على أن الولايات المتحدة لا تريد إسقاط النظام الإيراني، وإنما تغيير تصرّفاته، ولهذا شددت عقوباتها. والتحق الألمان بفرق الإطفاء، عبر زيارة المدير العام السياسي لوزارة الخارجية الألمانية لطهران، والتي تمت تمهيداً لزيارة وزير الخارجية الألماني، مع مطالبة إيران بضبط النفس.
الزائر العماني اليوم لم يحمل معه أي رسالة تستحق النظر


كما أن ثمة جهوداً عراقية تجرى، بالتواصل مع الكويت، لتخفيف التوتر بين إيران والولايات المتحدة. ودخلت اليابان على الخط أخيراً، بعد مضي أسبوع على زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، لطوكيو، ولقائه رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، حيث أعلن عن زيارة قريبة للأخير لطهران الشهر المقبل. وتنبع أهمية زيارة آبي من أنها ستكون الأولى بعد 40 عاماً، وتشي بأنها مرتبطة بنتائج زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لطوكيو اليوم. يبدو أن العلاقة الشخصية التي يتمتع بها رئيس الوزراء الياباني مع الرئيس الأميركي تتيح له القيام بوساطة ناجحة بين إيران والولايات المتحدة. واليابان من الزبائن التقليديين لنفط إيران، وتتضرر من العقوبات الأميركية التي تشملها في حال استمرارها في شراء النفط الإيراني.
الجهود التي تبذلها قطر وعُمان والعراق وألمانيا واليابان، وغيرها، يوازيها صمت طويل سعودي ــــ إماراتي ــــ إسرائيلي (فرقة الإشعال). وهؤلاء الأطراف، الذين كانوا يحرّضون الولايات المتحدة ضدّ إيران من قبل، يعرفون جيداً أن الحرب بين إيران والولايات المتحدة في الخليج سوف تصل إلى جميع أنحاء المنطقة، وخصوصاً جِهاتهم، وبالتالي عليهم أن يأخذوا تلك الحقيقة بالحسبان. لا يمكن لعاقل أن يتصور أن يشهد الخليج مواجهة عسكرية بين القوات الأميركية والإيرانية، وفي الوقت نفسه البواخر النفطية السعودية والإماراتية تَعبُر مضيق هرمز!