في خطوة قد تضع مستقبل الحكومة الألمانية في مهبّ الريح مجدداً، استقالت رئيسة الحزب «الاشتراكي الديموقراطي» ندريا ناليس، من منصبها، الأمر الذي أثار ردود فعل في أوساط الاشتراكيين و«الاتحاد المسيحي»، الشريك في الائتلاف الحكومي، إضافة إلى أحزاب المعارضة، والتي كان أشدّها موقف حزب «البديل من أجل ألمانيا» الشعبوي.وقد تعرّضت ناليس لضغوط كثيفة بعد النتيجة التي اعتُبرت أنها الأسوأ في الانتخابات الأوروبية، قبل أسبوع، إذ تعرّض الحزب لضربتين متتاليتين موجعتين: الأولى في الانتخابات الأوروبية، أما الثانية فهي عبر خسارته المركز الأول في اليوم ذاته في انتخابات ولاية بريمن التي لطالما كانت معقله. ورغم أن ناليس كانت قد سعت لاستعادة أصوات الناخبين الذين تخلّوا عن الحزب، إلّا أنها لم تستطع وقف التراجع الكبير لشعبية الحزب.
وقبيل تصويت كان مرتقباً في البرلمان، غداً، على زعامتها للحزب، قالت الدبلوماسية الألمانية إنها ستتخلى عن منصبيها كرئيسة للحزب وكتلته البرلمانية. وفي بيانٍ صدر عنها، أمس، أعلنت ناليس (48 سنة) أن «النقاشات داخل الكتلة البرلمانية وردود الفعل الواسعة من الحزب تُظهر أنني لم أعد أحظى بالدعم اللازم للبقاء في منصبي»، معربة عن أملها في أن تفتح استقالتها «المجال لتتم عملية خلافتها بطريقة منظمة». وفور إعلان ناليس استقالتها، سيطر الخوف على الساسة الألمان بشأن مستقبل الائتلاف الحاكم بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل، والذي وُلد بعد مفاوضات عصيبة عام 2018.
ومع تخلخل صفوف «الاشتراكي»، حضّ كبار الشخصيات في الاتحاد «المسيحي الديموقراطي» شريكهم على عدم تعريض الائتلاف للخطر. وفي هذا السياق، قال نائب رئيس كتلة الاتحاد، هانز بيتر فريدريش، لصحيفة «بيلد»، إن «تفويض الناخبين ساري المفعول لمدة أربع سنوات وعلى الأحزاب السياسية ضمان الاستقرار في الأوقات الصعبة. لن يستفيد من أي نهاية مبكرة للائتلاف الكبير سوى أولئك الذين على هامش السياسة». من جهتها، أوردت وكالة «رويترز» نقلاً عن دوائر مطلعة في «المسيحي الديموقراطي»، أنه يريد مواصلة الائتلاف مع «الاشتراكي»، مشدداً على أنه «يجب على الأخير تأكيد مسؤوليته تجاه الائتلاف الحاكم». أما رئيس كتلة الحزب «المسيحي الاجتماعي» (البافاري)، ألكسندر دوبرنت، فقد دعا «الاشتراكي» إلى تقديم إشارة واضحة عن نيته المضي قدماً في الائتلاف الحاكم.
في المقابل، تلقّت أحزاب المعارضة قرار ناليس باحترام. وعبّرت رئاسة حزب «الخضر» عن «أملها في أن يحل بسرعة مسألة القيادة ليستطيع التركيز، بطاقة جديدة، على المهام التي تنتظره»، فيما غرّد رئيس الحزب «الليبرالي»، ألكسندر ليندنر، على موقع «تويتر» بالقول: «إنها سياسة كفؤة وصادقة... استقالتها لا تقدم لنا سوى حكومة غير مستقرة». أمّا حزب «البديل من أجل ألمانيا» الشعبوي فرأى أن الحكومة بدأت تتفكك. وقالت زعيمة كتلة الحزب النيابية، أليس فيدل، إنه «لا يُحّل الحزب الاشتراكي الديموقراطي فحسب، بل يبدو الائتلاف الكبير كذلك كالحي الميت على الساحة السياسية». لكن زعيم الحزب يورج مويتن، بدى أكثر صلابة في المقف حيث طالب باستقالة ميركل وحكومتها، قائلاً: «من يجب عليه الاستقالة في هذا البلد من أجل إفساح الطريق لبداية جديدة فعلية، هو أنجيلا ميركل ومعها الحكومة برمتها».
ورداً منها على مويتن، وتطميناً منها للساحة السياسية في البلاد، خرجت ميركل أمس وتعهدت بأن تواصل حكومتها العمل رغم الأزمة التي يعانيها «الاشتراكي الديموقراطي». وسعت المستشارة إلى تبديد التكهنات بشأن استمرار ائتلافها، قائلة في بيان: «ما أريد أن أقوله هو أننا سنستمر في عملنا بكل جدية وبمسؤولية عظيمة».