على وقع تحوّل «النشاط السايبراني» إلى ساحة معركة حقيقية بين إسرائيل وأعدائها، فضلاً عن أبعاده الاقتصادية والعلمية، وغدوّه أحد مرتكزات الأمن القومي الإسرائيلي، عمدت إسرائيل إلى الاستثمار في هذا المجال بمستوى دفع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى القول إن إسرائيل استثمرت في هذا المجال أكثر من أي دولة أخرى في الغرب، عدا الولايات المتحدة الأميركية. وأضاف نتنياهو، في كلمة له في مؤتمر «سايبر ويك 2019» في جامعة تل أبيب، أن مبالغ طائلة تُرصد في الاستخبارات و«الموساد» و«الشاباك»، وهي تنتج أشخاصاً أكثر كفاءة سيكون بإمكانهم التعامل مع تداعيات الثورة العلمية. وشدد على أن «السايبر هو عنصر حيوي في النمو، ونحن ننوي أن نكون رائدين عالميين. وأعتقد أننا وصلنا إلى كوننا إحدى الدول الخمس الرائدة في عالم السايبر».
في المقابل، حذر رئيس «جهاز السايبر» في إسرائيل، يغآل أونو، في المناسبة نفسها، من أن «إيران مستمرة في كونها تهديداً سايبرانياً مركزياً للشرق الأوسط». وعرض أونو معطيات تؤكد أن الإيرانيين هم من بين خمسة لاعبين على مستوى الدول الناشطة في المجال «السايبراني». ولفت إلى أن الإيرانيين يعملون أيضاً منذ مدة طويلة ضمن مخطط هجوم واسع يشمل هجمات لأهداف متعددة، بينها جمع معلومات استخبارية، وتغيير الوعي، وكذلك هجمات هدفها إلحاق ضرر وتخريب أنظمة. مع ذلك، أكد أونو أن «إسرائيل مستعدة لكل تهديدات السايبر. لدينا قدرة الرد بقوة على هجمات السايبر، ليس بالضرورة في نفس المجال الذي هاجموا فيه».
في السياق نفسه، رأى رئيس «مركز السايبر» في جامعة تل أبيب، اللواء البروفيسور إسحاق بن يسرائيل، في مقابلة مع موقع «واي نت» العبري، أن الولايات المتحدة وروسيا هما البلدان الأقوى في مجال «السايبر»، تليهما إسرائيل وبريطانيا، مضيفاً أن «إيران ليست البلد الأكثر تطوراً في العالم من الناحية التكنولوجية». وأشار بن يسرائيل إلى أن إسرائيل لاعب نشط، وأن ما تفعله حالياً بشكل أساسي هو استثمار قدرتها في «السايبر» في مجال جمع المعلومات. ولفت إلى أن هناك تبادل معلومات مع الأميركيين في هذا المجال، لكن ليس بصورة نشطة. وتابع أن «لدى إسرائيل قدرات إذا قررت تركيزها في هذا النوع من المواجهة، فإنها بالتأكيد يمكنها إلحاق أضرار، لكنني أعتقد أن من المُبالَغ فيه مقارنتها مع الولايات المتحدة».
من جهة أخرى، اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه «آن الاوان للاعتراف بالحقيقة: حرب حقيقية تدور رحاها في هذه الأيام بين الولايات المتحدة وإيران، وبين الولايات المتحدة وروسيا. لكن السبب الوحيد لعدم كون هذه الحرب في العناوين هو لأنها حرب في مجال السايبر، وضررها الفعلي محدود حالياً». مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن مصادر كثيرة تفيد بوجود تصعيد في أنشطة «السايبر»، التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور الوضع خارج عوالمه أيضاً. ولفتت في هذا السياق إلى ما كشفه الإعلام الأميركي عن تفاقم حرب «السايبر» والهجوم «السايبراني» الأميركي على إيران. ونقلت عن رئيس وكالة الأمن القومي الأميركية، مايك روجرز، تعقيبه على الهجمة «السايبرانية» ضد إيران بالقول: «السايبر كان جزءاً من المنافسة بين الدول، لكنه يصبح الآن جزءاً من النزاع بين الدول... وتهديد السايبر يوشك أن يصبح أكثر تعقيداً بكثير مما عرفناه».
وعلى مستوى التهديد الذي تتعرض له إسرائيل، ألقى رئيس «الموساد»، يوسي كوهين، كلمة في مؤتمر «السايبر»، اعتبر فيها أن عالم «السايبر» جعل العالم مريحاً أكثر، لكنه أعاد صياغة التهديدات. ولفت إلى «أننا مُحاطون بعالم السايبر، وبذلك نصبح مهدَّدين أكثر وعرضة للضرر أكثر»، مضيفاً أن «هذه التهديدات تصبح أكثر أهمية عندما تكتشف ميليشيات ومنظمات إرهابية نقاط الضعف والضرر». ومن أجل مواجهة هذا التهديد والتغلّب عليه، شدد على أهمية «التعاون بين الشركات والحكومات».