في غضون ذلك، أظهر تسجيل صوتي نشره «مركز تحليل المخاطر الأمنية البحرية» (درياد غلوبال)، ومقره لندن، ثم أكدت صحته وزارة الدفاع البريطانية، أن زوارق البحرية الإيرانية وجّهت أمراً لناقلة النفط البريطانية لتغيير مسارها، رغم محاولة سفينة حربية بريطانية قريبة ثني الإيرانيين عن «عرقلة» مسار الناقلة. ويتضمن التسجيل اتصالات لاسلكية بين «ستينا إمبيرو» والسفينة البريطانية «إتش إم إس مونتروز»، والقوات الإيرانية التي كانت متوجهة إلى الناقلة. وفق مضمون التسجيل، قال الإيرانيون للناقلة: «نأمركم بتغيير مساركم إلى 3 6 صفر. 3 6 صفر درجة فوراً. إذا أطعتم ستكونون بأمان». هنا تدخلت الفرقاطة «مونتروز» الموجودة في مياه الخليج لحماية حركة الشحن البحري البريطاني، قائلة لـ«ستينا إمبيرو» إنها تمر بمضيق دولي معروف، و«بموجب القانون الدولي يجب عدم إعاقة أو عرقلة مرورك».
تبحث لندن خياراتها اليوم للرد على احتجاز الناقلة التي ظهرت في بندر عباس
بعد ذلك، توجه الإيرانيون إلى السفينة الحربية البريطانية «فوكستروت 236»، التي ترافق «مونتروز»، وكانت قد ضاعفت سرعتها للاقتراب من الناقلة، بالنداء: «هذا قارب الدورية البحرية. لا نقصد التحدي. نريد تفتيش السفينة لأغراض أمنية». كرر الإيرانيون رسالتهم إلى الناقلة، متجاهلين التحذيرات البريطانية تماماً، لينجحوا بعدها في الهبوط على متنها واقتيادها نحو ميناء بندر عباس المطل على المضيق. وكانت وكالة «فارس» قد نقلت، أول من أمس، عن المتحدث باسم الحرس الثوري، الجنرال رمضان شريف، قوله إن «سفينة حربية كانت ترافق الناقلة ستينا إمبيرو وحاولت منع إيران من احتجازها»، مضيفاً أن «الحرس الثوري تمكن من اصطحاب الناقلة إلى الساحل على رغم مقاومة السفينة الحربية البريطانية وتدخلها».
ومع أن الردود البريطانية اتسمت حتى ليل أمس بـ«الواقعية»، إذ لم يلوّح أحد من المسؤولين في لندن بأي خيارات تصعيدية، يُنتظر اليوم أن تعلن لندن الإجراءات التي ستتخذها بخصوص الناقلة المحتجَزة. وقال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، للصحافيين أول من أمس، إن لجنة «كوبرا» الحكومية للحالات الطارئة «ناقشت الوضع باستفاضة، وسيوجّه بيان إلى البرلمان (اليوم) الإثنين بشأن الإجراءات». وكان هانت قد صرّح في وقت سابق بأن ردّ لندن سيكون «مدروساً لكنْ قوياً»، بعد أن وصفت وزيرة الدفاع البريطانية، بيني موردونت، الواقعة بأنها «عمل عدائي». إضافة إلى ما سبق، وجهت لندن أول من أمس رسالة الى الأمم المتحدة، رأت فيها أن «التوترات الحالية مثيرة للقلق للغاية وأولويتنا تنصب على التهدئة ولا نسعى للمواجهة مع إيران... لكن تهديد الملاحة أثناء العمل القانوني في ممرات النقل المعترف بها دولياً غير مقبول ويمثل تصعيداً كبيراً». كما رفضت لندن الرواية الإيرانية حول مخالفة الناقلة قوانين الملاحة، معتبرة أن احتجازها «تدخل غير قانوني».
لكن لا يبدو المسؤولون في لندن في وارد التصعيد الميداني، مع أنه يُستعبد منهم التنازل والرضوخ للضغوط الإيرانية. لذلك، تبدو الأمور، كما يرى مراقبون، متجهة نحو فرض عقوبات على طهران من دون اتخاذ خطوات أخرى من شأنها توتير الموقف أكثر، مع الأخذ بالاعتبار الدور الذي يمارسه مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، لتوريط لندن أكثر في النزاع مع إيران، وهو ما علق عليه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بالقول في تغريدة على «تويتر»، إنه «بعد فشله (بولتون) في جذب دونالد ترامب إلى حرب القرن، وخشية انهيار فريقه، يسمّم جون بولتون أفكار المملكة المتحدة أملاً في جرها إلى مستنقع»، مؤكداً أن «الحذر وبُعد النظر هما السبيل الوحيد لإحباط مثل هذه المكائد». ووسط ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إنه ناقش الوضع مع نظيره البريطاني، مضيفاً: «تحدثنا عمّا شاهدوه وما يعرفونه، وكيف شرعوا في التفكير في كيفية الرد».