مثّل إعلان لندن أمس الانضمام إلى الولايات المتحدة في المهمة الأمنية البحرية لـ«حماية» الملاحة في الخليج وبحر العرب وباب المندب خطوة نعت بها رسمياً المساعي الأوروبية التي بُذلت في وقت لاحق لتشكيل قوة بحرية. الإعلان البريطاني ترجم موقفاً متشدداً إزاء التعامل الإيراني مع أزمة الناقلات ورفض طهران الإفراج عن «ستينا إمبرو» إلا بتبادل يعيد إليها «غريس 1». رغم أزمة الناقلات، بقي البريطانيون حتى وقت قريب متمسكين باتخاذ خطوات أمنية في الخليج بعيداً من الأميركيين، سواء بشكل منفرد أو بالاشتراك مع الأوروبيين. وإن كان الانضمام إلى الأميركيين يوحي بالتصعيد وبالاقتراب أكثر إلى واشنطن من أوروبا، فإن الحكومة البريطانية الجديدة، برئاسة بوريس جونسون، حرصت على حصر الأمر في التحرك الأمني لضمان حماية عمليات الشحن التابعة لها.في هذا السياق، شدد وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، على أن «نهجنا حيال إيران لم يتغير... نبقى ملتزمين بالعمل مع إيران وشركائنا الدوليين لخفض تصعيد الموقف والحفاظ على الاتفاق النووي». كذلك، لم يتضمّن تصريح وزير الدفاع، بن والاس، إشارة إلى عبارة «التحالف» التي تتحدث عنها واشنطن، بل قال: «نتطلع إلى العمل مع الولايات المتحدة وآخرين لإيجاد حل دولي للمشكلات في خليج هرمز»، موضحاً أن بلاده «عازمة على ضمان حماية عمليات الشحن الخاصة بها من التهديدات غير القانونية، ولذلك السبب ننضم اليوم إلى مهمة بحرية أمنية جديدة في الخليج».
التحول البريطاني لم يرقَ بعد إلى حل أزمة الأميركيين في مسعاهم لتشكيل التحالف الأمني البحري، وإن كان من شأنه إعطاء زخم لهذه المحاولات المتواصلة. في هذا الإطار، أكّدت ألمانيا رفض انضمامها إلى المهمة الأميركية، إذ أوضحت متحدثة باسم الحكومة أن المستشارة أنجيلا ميركل «لا تفكر في مهمة تقودها الولايات المتحدة في الوضع الراهن والوقت الحالي. الكل في الحكومة الألمانية متفق على هذا».
من جهة أخرى، لعل أسباب فشل ما سُمّي «المبادرة الأوروبية» ستكون نفسها أسباب تعثّر تشكيل التحالف الأميركي، ما يعني أن هذا التعثّر باقٍ في الأيام المقبلة رغم الانضمام البريطاني، وهو ما توحي به تصريحات وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الذي قال أمس، إنه «في الوقت الحالي يفضل البريطانيون الانضمام إلى مهمة أميركية، (لكن) لن نفعل ذلك»، لافتاً إلى أن «المهمة الأوروبية» أمر مطروح لكنّ «إقناع الاتحاد الأوروبي سيستغرق وقتاً».
مقابل التصعيد البريطاني، جددت طهران تأكيدها للبلدان الأوروبية أنها ستتخذ «الخطوة الثالثة» من تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي خلال شهر إذا استمر التقاعس عن الإيفاء بالتعهدات، وفق تحذير للمتحدث باسم «هيئة الطاقة الذرية الإيرانية»، بهرويز كمال فندي. وفي الموازاة، شدد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على أن بلاده هي التي تدير الأمن في هرمز ولن تغض بعد الآن الطرف عن أي «جرائم بحرية».