لا أفق واضحاً أمام أزمة كشمير في ظلّ المراوحة والأخذ والرد بين الهند وباكستان. يجري ذلك في ظلّ غياب النقاش في شأن أيّ حلول عملية، وخصوصاً أن غالبية الدول أخذت وضعية المتفرّج، أو اكتفت بالتعبير عن قلقها، بينما لا يزال الشطر الهندي من الإقليم مقطوعاً عن العالم بعد قرار نيودلهي إلغاء الحكم الذاتي فيه وتفكيكه ليصبح مكوناً من إقليمين منفصلين إدارياً، هما: «جامو وكشمير» و«لاداخ»، وما رافق هذا الإجراء من حظر للتجوال وقطع للاتصالات. باكستان، من جهتها، خفضت مستوى التصعيد، يوم أمس، مستبعدةً اللجوء إلى ردٍّ عسكري ضد الهند؛ إذ أعلن وزير خارجيتها، شاه محمود قريشي، أن بلاده «لا تفكر في الخيار العسكري. بل في خيارات سياسية ودبلوماسية وقانونية للتعامل مع الوضع». ومكرراً ما كان قد أعلنه رئيس الوزراء عمران خان، قال: «قرّرنا اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي للطعن في هذه الخطوة الهندية غير الصحيحة أخلاقياً»، لكنه في الوقت ذاته رفض ادعاء نيودلهي بأن قراراتها الأخيرة «المرتبطة بالمادة 370 (من الدستور) هي شأن داخلي هندي بالكامل»، وتنديدها بـ«تحركات أحادية» أقدمت عليها باكستان. وفي شأن دعوة نيودلهي إسلام أباد إلى التراجع عن خطوات أعلنتها ضدها ومنها طرد السفير الهندي لديها وقطع العلاقات التجارية، إضافة إلى إيقاف رحلات القطارات بين البلدين، أشار قريشي إلى أن «باكستان ستراجع قراراتها في حال قيام الهند بالشيء ذاته بالنسبة إلى التغييرات التي أجرتها بخصوص إقليم كشمير».
أعربت كل من السعودية والإمارات عن قلقهما إزاء الأزمة في كشمير

وفي أول تعليق له على الإجراء، اعتبر رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، أن قرار إلغاء الحكم الذاتي لكشمير هدَف إلى «تحريرها من الإرهاب». وفي خطاب إلى الأمة، قال: «أيها الأصدقاء، لدي اقتناع تامّ بأننا سنتمكن من خلال هذا النظام من تحرير جامو وكشمير من الإرهاب والنزعة الانفصالية»، مضيفاً: «لديّ ملء الثقة في أن شعب جامو وكشمير، بعد هزيمة الانفصاليين، سيمضي قدماً بآمال وتطلعات جديدة». كذلك، اعتبر أن باكستان استخدمت الوضع الخاص للإقليم «كسلاح ضدّ البلاد لإشعال مشاعر بعض الناس» ضد الدولة الهندية، مشدّداً على أن الحكم الذاتي «لم يعطِ أيّ شيء سوى الإرهاب والانفصالية والمحسوبية والفساد الكبير». ورداً على الإجراءات التي اتخذتها باكستان، قالت الحكومة الهندية إن «النية خلف هذه الإجراءات هي بوضوح أن يقدّموا للعالم صورة مقلقة لعلاقاتنا الثنائية».
وبعد أربعة أيام على بدء الأزمة، أعربت كل من السعودية والإمارات عن قلقهما إزاء وضع كشمير. إذ أعلنت أبو ظبي، على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أنها تتابع «بقلق» تطور الأحداث في إقليم جامو وكشمير في الهند، داعية إلى «ضبط النفس». وقال قرقاش إن بلاده «تثق بحكمة قيادتي البلدين، وقدرتهما على تجاوز هذه الأزمة عبر التواصل والحوار البناء وبعيداً عن التصعيد والمواجهة». وفي الرياض، أشار مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إلى أن بلاده «تتابع تطورات الأوضاع الحالية في إقليم جامو وكشمير الناتجة من إلغاء الهند المادة (370) من الدستور»، مضيفاً إن «المملكة تعرب عن قلقها إزاء تطورات الأحداث الأخيرة». واعتبر أن «حل النزاع يتم من خلال التسوية السلمية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة»، داعياً «الأطراف المعنية إلى المحافظة على السلام والاستقرار في المنطقة ومراعاة مصالح سكان الإقليم».
دولياً، بدا موقف الأمم المتحدة أقلّ إرباكاً، بعدما دعا أمينها العام، أنطونيو غوتيريش، إلى «أقصى درجات ضبط النفس» في التعامل مع الأزمة حول كشمير، مطالباً «كل الأطراف» بعدم «اتخاذ أي قرار من شأنه التأثير في وضع» هذه المنطقة. وأعرب عن «قلقه» إزاء «القيود» المفروضة في الشطر الهندي من كشمير، والتي «تهدّد بتفاقم الوضع في مجال حقوق الإنسان»، مشدداً على أن الوضع النهائي للإقليم يجب تسويته بالطرق السلمية، وعبر قرارات مجلس الأمن الدولي. وأعلن الاتحاد الأوروبي، من جهته، أنه يدعم «حلاً سياسياً ثنائياً بين الهند وباكستان حول كشمير، يبقى السبيل الوحيد لتسوية نزاع قديم يسبب زعزعة لاستقرار المنطقة».