استكملت سفينة «أدريان داريا»، الاسم الجديد لـ«غرايس 1» الإيرانية، إجراءاتها اللوجستية، التي من بينها تغيير الاسم ورفع العلم الإيراني بدلاً من علم بنما، لتبحر مساء أمس في عمق البحر الأبيض المتوسط بعيداً عن منطقة جبل طارق. عادت الناقلة العملاقة إلى نشاطها، متخطية الضغوط الأميركية التي لم تتوقّف حتى اللحظات الأخيرة قبيل الإبحار، إلا أنها لاقت عدم رضوخ بريطاني لا يستبعد أن يترجم إيجاباً في مسار المفاوضات الإيرانية الأوروبية على مصير الاتفاق النووي. وأعلنت سلطات جبل طارق أنها رفضت ثاني طلبات المساعدة القضائية (المبني على اتهام الناقلة بمساعدة الحرس الثوري الإيراني) المقدّم من الولايات المتحدة باحتجاز السفينة، فضلاً عن الطلبات السابقة لمنعها من الإبحار، موضحة أن سبب الرفض عدم تبنّي القانون الأوروبي العقوبات على الحرس الثوري.
ظريف للكويتيين: نحن وأنتم باقون في هذه المنطقة والغرباء سيرحلون عنها(أ ف ب )

وإذ تشارف الأزمة بين طهران ولندن على الانتهاء إذا ما أفرجت السلطات الإيرانية عن «ستينا إيمبيرو» قريباً كما هو متوقّع، فإن ملفاً آخر من ملفات التوتر المتشعبة من الأزمة مع الولايات المتحدة لا يزال مفتوحاً، وهو العلاقات بين طهران ودول الخليج. وإن كان ثمة أكثر من تفسير إيراني للاستدارة الإماراتية، فإن الغموض يلف موقف الرياض، فيما يبدو واضحاً حرص طهران على أن تقدم السعودية على خطوة مشابهة. الدعوة الإيرانية المفتوحة للسعودية لتشجيعها على إحداث تغييرات في سياستها الإقليمية، تنبع من مسعى إيراني ترفده أذرع طهران الأمنية والدبلوماسية للضغط باتجاه تفكيك «فريق الباءات الأربع»، كما يسميه وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وهم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وبنيامين نتنياهو وجون بولتون. وفق المعلومات المتوافرة، فإن ثمة اتصالات بين الرياض وطهران لم ترق بعد إلى إمكانية الحديث عن توجه سعودي مماثل للتحول الإماراتي. لكن زيارة ظريف للكويت، أمس، خطوة يمكن أن تقرأ على أنها داعمة لمساعي خفض التوتر في الإقليم. تصريحات ظريف في ختام الزيارة التي جمعته إلى ولي العهد نواف الأحمد الجابر الصباح ووزير الخارجية صباح خالد الحمد الصباح، أكدت هذه الأجواء. فالضيف الإيراني عاد وطرح المبادرة الإيرانية لتوقيع اتفاقية «عدم اعتداء» بين إيران وجيرانها الخليجيين، بما ترسله الدعوة المكرّرة من إشارات إلى الرياض بأن باب التفاهم مفتوح. وبحسب وجهة النظر الإيرانية، فإن اتفاقية مماثلة إضافة إلى تشكيل «منتدى حوار إقليمي» يخلّصان المنطقة من «الاعتماد على الجهات الفاعلة الخارجية»، كما قال ظريف أمس.
الرسالة الإيرانية موجّهة بالدرجة الأولى إلى الرياض

وهي رسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى الرياض، وتعتبر أن هذه الخطوات مصلحة سعودية أيضاً لا إيرانية فقط، من خلال سدّ باب الابتزاز الأميركي، وتهدف ثانياً إلى عرقلة المسعى الأميركي نحو عسكرة الخليج. وقال ظريف في هذا الإطار لولي العهد الكويتي: «نحن وأنتم باقون في هذه المنطقة والغرباء سيرحلون عنها»، معتبراً أن أمير الكويت من أكثر القادة في المنطقة حكمة.