بعدما فقد أغلبيته في مجلس العموم البريطاني، وأخفق في الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، أول من أمس، وافق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، صباح أمس، على عدم عرقلة نص تشريعي يطالب بتأجيل جديد لموعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.وكتبت الكتلة البرلمانية لحزب «العمّال»، أكبر حزب معارض، في تغريدة على موقع «تويتر»، أن حكومة جونسون «تعهّدت» بالسماح بأن يمر النص «بكل المراحل» في مجلس اللوردات الخميس والجمعة، و«يعود الإثنين إلى مجلس العموم لتعديلات محتملة أخرى».
وفي ردود الفعل الأوروبية الأولى، شكّكت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية، أميلي دي مونتشالان، أمس، بجدوى إرجاء موعد «بريكست». وقالت لإذاعة فرنسية إن «الأمر ليس مجرد مشكلة معقدة يمكن تمديدها زمنياً، وتأجيلها ثلاثة أشهر من دون تغيير أي شيء، وسيتم حلّها بذلك». وأضافت: «عندما أسمع البريطانيين يقولون أمهلونا ثلاثة أشهر إضافية وسنحل المشكلة، أرى بوضوح أن المشكلة لم تحل بستة أشهر إضافية ولا بثلاثة أشهر إضافية»، موضحة أنه «يجب أن يعرفوا كيف يقولون لنا ما يريدون».
وكان معارضو «بريكست» بلا اتفاق يخشون خصوصاً، من أن يحاول حلفاء جونسون في مجلس اللوردات إبطاء تقدم النص عبر إطالة أمد المناقشات. لكن الوقت يضيق منذ القرار المفاجئ لرئيس الوزراء تعليق البرلمان حتى منتصف تشرين الأول/أكتوبر، أي قبل أسبوعين فقط من موعد «بريكست»، ما يترك هامشاً ضيقاً لمعارضي الخروج بلا اتفاق للتشريع من أجل منع سيناريو كهذا.
وكان مجلس العموم البريطاني قد صوّت مساء الأربعاء ضدّ مذكرة طرحها رئيس الوزراء لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 15 تشرين الأول/أكتوبر. ويأمل جونسون الحصول بذلك على أغلبية جديدة أكثر تماسكاً، تسمح له بالتحرك بحرية قبل القمة الأوروبية التي ستعقد في 17 و18 تشرين الأول/أكتوبر في بروكسل. وحصلت المذكرة على تأييد 298 نائباً، أي أقل من أغلبية الثلثين التي تسمح بتبنيها في مجلس العموم، وذلك فيما امتنع النواب «العمّاليون» عن التصويت على المذكرة.
قدّم شقيق جونسون أمس استقالته كنائب وعضو في الحكومة


وقد جاء هذا التصويت بعدما كان النواب قد نسفوا خطط جونسون لمغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول/أكتوبر، مع أو بدون اتفاق. فقد أقرّوا بأغلبية 28 عضواً مشروع قانون يلزم جونسون بطلب تأجيل «بريكست» لمدة ثلاثة أشهر، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق ينظم الطلاق بين لندن وبروكسل، بحلول ذلك الوقت. وخلال مناقشات حامية في مجلس العموم، قال جونسون إن زعيم «العمّاليين»، جيريمي كوربن، «سيدخل التاريخ الديموقراطي لبلدنا كأول زعيم للمعارضة يرفض المشاركة في انتخابات».
إلا أن ما تريده المعارضة العمّالية هو التأكد، قبل كل شيء، من أن اقتراح القانون ضد «بريكست» بلا اتفاق سيتم تبنّيه، ما يبعد شبح انفصال قاسٍ مع الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية في «جامعة سترثكلايد»، جون كورتيس، في حديث أمام وسائل إعلام، أن «الاستراتيجية الواضحة للمعارضة هي ترك الحكومة في حالة اضطراب». وإلى جانب إثارته غضب أعدائه التقليديين، خسر رئيس الوزراء البريطاني، يوم الثلاثاء، الغالبية المطلقة في مجلس العموم، مع انشقاق نائب «محافظ» واحد، واستبعاد 21 آخرين من الحزب، صوّتوا إلى جانب المعارضة لتطويق استراتيجيته حول «بريكست».
علاوة على ذلك، فقد قدّم شقيق رئيس الوزراء، أمس، استقالته من حكومة «المحافظين»، التي كان يتولى فيها منصب وزير دولة، مؤكداً أنه يغلب «المصلحة الوطنية» على «الولاء العائلي». وكتب جو جونسون، المؤيد لاستفتاء ثانٍ بشأن «بريكست»، في تغريدة: «في الأسابيع الماضية، كنت أشعر أنني عالق بين الولاء العائلي والمصلحة الوطنية ــ إنه توتر لا يمكن حلّه، ولقد آن الأوان لكي يتولى آخرون مهامي كنائب وعضو في الحكومة».
وبالرغم من كل ما حدث خلال اليومين الماضيين، أعلنت متحدثة باسم رئاسة الحكومة البريطانية أن جونسون «لا ينوي الاستقالة». وقد جاء ذلك في وقت تلقّى فيه دعم حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال من البيت الأبيض إنه «يعرف كيف يربح. لا تقلقوا ستكون الأمور على ما يرام». لكن في الواقع يبدو جونسون الذي يلقّبه البريطانيون بـ«بوجو» في وضع سيّئ، وهو يتعرّض لهجمات على الصعيد السياسي والقضائي معاً.