سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى حشد مؤيّديه في مواجهة تحقيقٍ أطلقه نواب ديموقراطيون على خلفيّة سوء استخدام مزعوم للسلطة قد يمهّد لمساءلته، بشبهة أنه طلب من نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي التحقيق في شبهات فساد تطاول جو بايدن. ولا يبدو الأخير في حالٍ أفضل، إذ يُتوقَّع أن تنعكس هذه القضية على مساعيه لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي لرئاسيات 2020. متوجهاً إلى مؤيّديه، حذّر ترامب من أنّ «بلادنا معرّضة إلى خطر لم يسبق له مثيل»، تحذيرٌ جاء في مقطعٍ مصوّر نُشر عبر حسابه في «تويتر»، يهاجم فيه خصومه الديموقراطيين الذين «يريدون أخذ أسلحتكم، وأخذ تغطيتكم الصحّية، وأخذ أصواتكم». لكنه أكّد: «لن ندع ذلك يحدث أبداً، لأن (مصير) بلدنا على المحكّ بشكل لم يسبق له مثيل. الأمر بمنتهى البساطة، هم يحاولون إيقافي لأنّني أكافح من أجلكم. ولن أدع ذلك يحدث». وفي تغريدات أخرى، كرّر أن التحقيق الهادف إلى مساءلته هو «حملة مطاردة» سياسية، معتبراً أنّ النائب الديموقراطي آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب التي تحقِّق في تصرفات الرئيس، قد شوَّه سمعته وأن على شيف أن يستقيل.وفي خطوةٍ نادرة، أطلق الديموقراطيون الأسبوع الماضي الرصاصة الأولى في إجراءات عزل ترامب بشبهة أنه طلب من زيلينسكي، خلال مكالمة هاتفية في تموز/يوليو الماضي، التحقيق حول خصمه بايدن، بسعيه للحصول على مساعدة دولة أجنبية لـ«تقويض» ترشُّح الأخير. وطالب رؤساء لجان الخارجية والاستخبارات والإشراف على السلطة التنفيذية في مجلس النواب وزير الخارجيّة مايك بومبيو، بتزويدهم وثائق حول قضيّة أوكرانيا بغية «تسريع» التحقيق الرامي إلى عزل الرئيس. وجاء في بيانهم أنّ «رفضكم الامتثال لهذه المطالبة سيُشكّل دليلاً على عرقلة تحقيق مجلس» النواب في هذا الإجراء.
حذّر ترامب من أنّ «بلادنا معرّضة إلى خطر لم يسبق له مثيل»


لكن هذه القضية لا تخصّ ترامب وحده، خصوصاً أن بايدن يشكّل محورها؛ وإذا كان في استطاعة الأخير الاستفادة من الدفع الذي أعطته إياه القضية على حساب عدد كبير من منافسيه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي، فإنه يواجه خطر الخروج من المعركة متضرّراً كثيراً. ووصلت المشكلات إلى نائب الرئيس السابق عبر ابنه هنتر بايدن، المحامي البالغ 49 عاماً الذي انضمّ إلى مجلس إدارة مجموعة «بوريسما» للغاز في أوكرانيا عام 2014، عندما كان والده في منصبه. في الوقت نفسه، كان جو بايدن يمارس ضغطاً جنباً إلى جنب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإقصاء النائب العام الأوكراني المتهم بالتغاضي عن مشكلات فساد مستشرٍ في بلده.
يرى الرئيس الأميركي وأوساطه أن تسلسل الأحداث مشبوه ويتهم منافسه الديموقراطي بأنّه طلب إقالة النائب العام الأوكراني لحماية ابنه. ومن دون أن يكون في الأمر فساد بالمعنى الحرفي، فإن المحسوبية التي تفوح من مسألة تعيين ابنه في شركة «بوريسما» قد تسيء إليه. في هذا السياق، تقول وسائل إعلام أميركية: إن هنتر كان يجني خمسين ألف دولار شهرياً، علماً أنه لا يتمتع بكفاءات واضحة في مجال الطاقة. من هنا، رأى رئيس الوزراء الأوكراني السابق ميكولا أزاروف أن على كييف التحقيق في أنشطة بايدن، لتحديد هل دوره في الشركة يتماشى مع قوانين البلاد. وفي مقابلة مع «رويترز»، قال أزاروف: «إنها حقيقة (فترة إدارته وراتبه) وليست خيالاً. لا بد من التحقيق في ذلك حتى يتسنّى وضع النقاط على الحروف».