تلقّف حزب «الليكود» خطة الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، وحوَّلها إلى قاعدة للمفاوضات مع كتلة «أزرق أبيض»، في تكتيك يهدف إلى وضع منافسه أمام خيارين: قبول الصيغة التي تكرّس زعيم الحزب بنيامين نتنياهو في منصبه، أو أن يتحمل التكتل مسؤولية تعثّر المفاوضات والذهاب نحو انتخابات مبكرة. أهمية هذه الخطة عند «الليكود» تنبع من كونها تلبي مخاوف نتنياهو، وفي الوقت نفسه تؤدي إلى إخراج المنظومة السياسية من الشلل التي تعاني منه. يستند جوهر خطة ريفلين إلى تولي نتنياهو رئاسة الحكومة في إطار حكومة وحدة، وفي حال توجيه لائحة اتهام في حقه، يبقى في منصبه من دون أن يمارس صلاحياته التي تنتقل إلى قائمقام رئيس الحكومة بني غانتس. بتعبير آخر: أن يتولى غانتس رئاستها «فعلياً» من دون أن يستقيل نتنياهو من منصبه في حال توجيه لائحة اتهام رسمية في حقه. ولقوننة هذا المسار، يجري تعديل قانون أساس الحكومة الذي ينص على أنه في حال توقف رئيس الحكومة عن ممارسة صلاحياته، يقوم بذلك بدلاً منه قائقمام رئيس الحكومة لمدة 100 يوم (ما يُسمى التعذر أو العجز عن ممارسة صلاحياته). بعد مضي هذه المدة، يعتبر رئيس الحكومة في حالة عجز دائم عن ممارسة صلاحياته وتسقط الحكومة. وبموجب التعديل الذي يقترحه رئيس الدولة، تُمدّد الأيام المئة لضمان استمرار الحكومة وبقاء نتنياهو في منصبه.
من الواضح أن هدف ريفلين هو طمأنة نتنياهو الذي يريد التحصّن بمنصب رئاسة الوزراء في حال صدور لائحة اتهام في حقه. وتهدف الخطة أيضاً إلى منح صلاحيات رئاسة الحكومة لغانتس في حال صدور لائحة اتهام، على أمل أن يلبي ذلك مطالب خصوم نتنياهو. ويبدو أن الرئيس الإسرائيلي بلور هذه الخطوة انطلاقاً من كونها الحل الوسط الممكن الذي قد يوفّر الأرضية للجمع بين الطرفين في حكومة واحدة، خاصة أن كليهما غير قادر على التشكيل دون الآخر (في ظل الاصطفاف القائم في المعسكر المضادّ لتحالف نتنياهو). وفي ضوء ذلك، يتضح عملياً أن جوهر المفاوضات يرتكز حول ما يوفر لنتنياهو الحماية من القضاء أكثر من كونه بحثاً عن قواسم سياسية مشتركة لتشكيل الحكومة.
«الليكود» أكّد في بيان أن مندوبَيه أوضحا لطاقم التفاوض عن «أزرق أبيض» أنهما يقبلان الخطوط العريضة التي حدَّدها ريفلين، لكنهم (تكتل غانتس) لم يستجيبوا بوضوح لهذا المقترح. ويراهنون في «الليكود» على أن حصر الخيارات أمام الأخير بين حكومة على أساس خطة ريفلين، أو إعادة التكليف ورفضه للاتفاق، يعني كله عملياً تحمله مسؤولية انتخابات مبكرة للمرة الثالثة، خاصة أن «الليكود» وافق على خطة الرئيس. وينبع الرهان على مفاعيل هذا الخيار انطلاقاً من أن غانتس غير قادر في كل السيناريوات على تشكيل حكومة من دون «الليكود» في حال انتقل التكليف إليه.
من المحتمل أن يعلن نتنياهو هذا الأسبوع فشله في تشكيل الحكومة


في هذا السياق، يستخدم «الليكود» التلويح بإعادة التكليف كأداة للضغط على «أزرق أبيض»، خاصة أنه في حال فشل غانتس في تشكيل الحكومة، ستُختصر الطريق نحو انتخابات مبكرة، أو يجري التوصل إلى صيغة مشتركة، وتعود الكرة مرة أخرى إلى خطة ريفلين. وفي هذا المجال، تتحدث تقارير إعلامية أن نتنياهو سيُعيد خلال أيام معدودة التكليف إلى رئاسة الدولة. اللافت جداً أنه تجري حياكة قوانين وتسيير شؤون دولة من أجل حماية رئيس حكومة متّهم بالفساد. ويعود ذلك إلى التفاف «الليكود»، إذ من الواضح أنه يحكم سيطرته عليه. بالموازاة، واضحٌ أن تكتل اليمين الديني والعلماني، إضافة إلى الحريديين حوله، عزَّز قدرته على المساومة، وشلّ الكيان على المستوى السياسي رغم ما يترتب على ذلك من تداعيات.
في المقابل، تؤكد تقارير إعلامية أن «أزرق أبيض» لم يغلق الاستناد إلى خطة ريفلين، لكن غانتس يشترط لاستئناف المحادثات أن يوافق نتنياهو على إجراء مفاوضات كممثل عن «الليكود» فقط، وأن يوافق على الانفصال عن كتلة اليمين والحريديين التي تمثل 55 عضو كنيست. ووفق تقارير أخرى، كان غانتس على استعداد للانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو، لكن يبدو أن المعارضة الشديدة داخل الكتلة لهذا الخيار، وتحديداً من قبل يائير لابيد وموشيه يعلون، حالت دون ذلك. وهو ما يصوِّبون عليه في «الليكود»، في محاولة للقول: إن خلافات داخلية (داخل «أزرق أبيض») تحول دون حكومة وحدة.
وبينما ترجّح تقديرات أن يعلن نتنياهو خلال هذا الأسبوع فشله في تشكيل الحكومة ويعيد التكليف إلى الرئيس، تحدثت تقارير أيضاً عن لقاء مرتقب بين نتنياهو وغانتس الأربعاء المقبل. مع ذلك، يفضلون في «أزرق أبيض» أن يتلقى غانتس تفويضه بتشكيل الحكومة بعد الأربعاء انطلاقاً من تقدير أن نتنياهو سيكون أضعف بعد هذا التاريخ الذي يرمز إلى استجوابه الأخير، قبل اتخاذ قرار نهائي بخصوص لائحة الاتهام.