تواصلت في بروكسل، يوم أمس، محادثات حاسمة سعياً للتوصل إلى تنفيذ «بريكست» باتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. اتفاقٌ تبدو احتمالاته عالية، وسط الأجواء الإيجابية التي أشاعها رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، بإعلانه أن أسس اتفاق «بريكست» باتت «جاهزة»، ويمكن أن تصبح واقعاً ملموساً خلال ساعات. توسك أضاف إنه «نظرياً سنكون قادرين غداً على إقرار هذا الاتفاق مع بريطانيا»، لكنّه لم يكن مفرطاً في تفاؤله، إذ قال: «مع بريكست وشركائنا البريطانيين، كل شيء ممكن... مساء البارحة (الثلاثاء) كنت مستعداً للمراهنة بأن كل شيء بات جاهزاً. لكن ظهرت اليوم بعض الشكوك لدى الجانب البريطاني».يأتي ذلك على ضوء المعطيات التي تفيد بأن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، قال لوزراء الشؤون الأوروبية في لوكسمبورغ إن خروج بريطانيا من دون اتفاق سيكون «كارثة»، إذ سيتسبّب باضطرابات للمواطنين والاقتصاد الأوروبي، وخصوصاً في إيرلندا وإيرلندا الشمالية. وتحدّث بارنييه عن سير المفاوضات، معترفاً بوجود «مشاكل كبيرة» تجدر «معالجتها»، وفق ما نقل عنه المفوض الأوروبي، ديميتريس أفراموبولس. وفي السياق ذاته، أشار رئيس الوزراء الإيرلندي، ليو فارادكار، إلى أنه يمكن التوصل إلى اتفاق «بحلول نهاية الشهر... هناك طريق نحو اتفاق، لكن تبقى هناك مشكلات عديدة لمعالجتها». ومع أن الخلافات المتعلّقة بالانفصال المعقّد تضاءلت إلى حدٍّ كبير، ذكرت مصادر في الاتحاد الأوروبي لـ«رويترز» أن الجانبين وصلا إلى «جمود». ويرجع هذا إلى معارضة حزب صغير من إيرلندا الشمالية، هو «الحزب الديموقراطي الوحدوي»، اقتراحاً يتعلق بالجمارك. وسيحتاج رئيس الوزراء، بوريس جونسون، على الأرجح، إلى دعم الحزب لإمرار اتفاق الخروج في البرلمان.
أشار بارنييه إلى وجود «مشاكل كبيرة» تجدر «معالجتها»


المحادثات التي استؤنفت صباح أمس، بعد سلسلة مفاوضات طويلة استمرت حتى منتصف ليل الثلاثاء ــــ الأربعاء، في مسعى لتفادي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، أحرزت «تقدماً سياسياً»، وفق ما أكدت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية، إميلي دون مونشالان، لقناة «ال سي اي». وتركّزت هذه المحادثات حول عدد من النقاط الخلافية، بينها تجنّب إعادة فرض حدود فعلية، بعد «بريكست»، بين إيرلندا الشمالية، المُقاطَعة البريطانية، وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد، اقترحت لندن أن تبقى إيرلندا الشمالية ضمن نطاق جمركي موحّد مع المملكة المتحدة، مع تطبيق القواعد الأوروبية في الوقت نفسه على المنتجات المتوجهة إلى دول الاتحاد، وفق ما أكدت مصادر أوروبية. وينص الاقتراح على تطبيق الرقابة الجمركية في الموانئ والمطارات عند دخول السلع إلى إيرلندا الشمالية، بحسب المصادر نفسها.
إزاء ذلك، يبدو أن هناك ثلاثة سيناريوات مطروحة على الطاولة، حالياً، في شأن مصير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وهي التوصل إلى اتفاق، أو عدم التوصل إلى اتفاق، أو مواصلة المفاوضات بعد القمة الأوروبية، الخميس والجمعة. ومن هذا المنطلق، تبقى فرضية إرجاء «بريكست» مطروحة. ففي حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول 19 تشرين الأول/ أكتوبر، يفرض قانون «بن» على بوريس جونسون أن يطلب إرجاءً جديداً لموعد الخروج سيكون الثالث حتى الآن. وكان رئيس الوزراء قد استبعد ذلك أكثر من مرة، إلا أن وزير «بريكست» البريطاني، ستيف باركلي، أكد أمام لجنة برلمانية، صباح أمس، أن الحكومة ستحترم هذا القانون، مشدداً في الوقت ذاته على أن «من المهم أن نخرج في 31 تشرين الأول/ أكتوبر» من الاتحاد الأوروبي. ويُفترض أن يوافق البرلمانان الأوروبي والبريطاني على الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه. ويجري الحديث، فعلاً، عن احتمال عقد قمة إضافية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، نقلاً عن مراسلها في لندن، أن الفكرة القديمة المتعلقة بإجراء استفتاء جديد على «بريكست» عادت لتظهر على السطح. وأشارت الصحيفة إلى أن أعضاء البرلمان من حزب «العمّال» قالوا إنهم سيدفعون باتجاه إضافة تعديل إلى أي اتفاق قد يتوصل إليه جونسون، ويطلبون بناءً عليه من رئيس الوزراء أن يطرح الاتفاق على التصويت الشعبي كي تتمّ الموافقة عليه أو على البقاء في الاتحاد الأوروبي. تجدر الإشارة إلى أنه عندما جرى التصويت على إجراء استفتاء ثانٍ على «بريكست»، في نيسان/ أبريل الماضي، فشل المقترح. ولكنّ اثنين من داعمي الخطة، هما: بيتر كايل وفيل ويلسون، زعما بأن الجدل الطاحن في شأن «بريكست» قد غيّر مشاعر الناس، إلى حدّ أنه بات من المناسب محاولة الحصول على الموافقة لإجراء استفتاء ثانٍ، عبر مجلس العموم.