أحرزت الولايات المتحدة والصين تقدّماً في المناقشات التجارية، واقتربتا من وضع اللمسات الأخيرة على أجزاء من المرحلة الأولى من صفقة تجارية يُمكن أن تُوقّع الشهر المقبل. هذه الأجواء «الإيجابية» أشاعها الممثل التجاري الأميركي، روبرت لايتهايزر، بعد مكالمة هاتفية مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه، ضمَّت أيضاً وزير الخزانة ستيفن منوتشين.ومن دون أن يقدّم أيّ تفاصيل في شأن النقاط المطروحة، اكتفى مكتب الممثّل التجاري ببيان جاء فيه: «لقد أحرزوا تقدّماً في قضايا محدّدة، والجانبان على وشك الانتهاء من بعض أقسام الاتفاق. المناقشات ستتواصل باستمرار على مستوى النواب، وستكون للمديرين دعوة أخرى في المستقبل القريب». جاء ذلك بينما تعمل واشنطن وبكين على بلورة نصّ «المرحلة الأولى» من اتفاق تجارة أعلن عنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الحادي عشر من الشهر الجاري، حين أعرب عن أمله في توقيع الاتفاق مع نظيره الصيني شي جين بينغ، خلال قمة في تشيلي تُعقد الشهر المقبل.
ويفيد أشخاص جرى إطلاعهم على سَير المفاوضات بأنه كان يُتوقّع أن تطلب بكين إلغاء بعض الرسوم الجمركية الأميركية المزمعة والقائمة على وارداتها، في مقابل تعهّدها بزيادة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأميركية. في هذا السياق، ذكرت وكالة «بلومبرغ»، نقلاً عن مصادر مطّلعة، قولها إن الصين تعتزم شراء منتجات زراعية أميركية بقيمة لا تقلّ عن 20 مليار دولار خلال عام (أي العودة إلى وضع ما قبل الحرب التجارية)، حال توقيع الاتفاق مع الولايات المتحدة، على أن تدرس زيادة قيمة مشترياتها إلى ما بين 40 و50 مليار دولار في السنة الثانية من دخول الاتفاق التجاري المُحتمل حيّز التنفيذ، وفق المصادر ذاتها.
تريد الصين العودة إلى رسوم جمركية تقتصر على البضائع الأصلية وقيمتها 250 مليار دولار


ويرى ترامب أن الصين «تريد إبرام اتفاق بشكل ملحّ للغاية... من المقرّر أن يشتروا منتجات زراعية أكثر بكثير ممّا يتصوّر أيّ أحد»، وفق ما صرح للصحافيين في البيت الأبيض. ولم يوافق الرئيس الأميركي، حتى الآن، سوى على إلغاء زيادة في الرسوم الجمركية كانت مقررة منتصف الشهر الجاري، على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار، في إطار تفاهمات جرى التوصّل إليها في شأن مشتريات زراعية، ومزيد من انفتاح أسواق الخدمات المالية الصينية، وتحسين قواعد حماية حقوق الملكية الفكرية، واتفاق عملة. لكن مصدرَين أميركيين قالا لـ«رويترز» إنه لإبرام الاتفاق، من المتوقّع أن تطلب بكين من واشنطن التخلّي عن عزمها فرض رسوم جمركية على بضائع صينية بقيمة 156 مليار دولار تشمل الهواتف المحمولة والكمبيوتر واللُعَب في 15 كانون الأول/ ديسمبر. وستسعى أيضاً، بحسب أحد المصدرَين، إلى إزالة رسوم جمركية بنسبة 15% فُرضت في الأول من أيلول/ سبتمبر، على بضائع صينية بحوالى 125 مليار دولار. وأعلن ترامب عن هذه الرسوم في آب/ أغسطس بعد فشل جولة محادثات بين البلدين، مستهدفاً برسومه العقابية جميع واردات الولايات المتحدة من الصين، والبالغة قيمتها 550 مليار دولار. وأشار المصدر إلى أن الصين «تريد العودة إلى رسوم جمركية تقتصر على البضائع الأصلية، وقيمتها 250 مليار دولار».
إزاء ذلك، يرى ديريك سيسورز، الباحث المقيم وخبير شؤون الصين لدى المعهد الأميركي لأبحاث السياسة العامة في واشنطن، أن الهدف الرئيسي من المحادثات التي عُقدت بداية الشهر الجاري، كان الانتهاء من نصّ يتعلّق بالملكية الفكرية والزراعة وفتح السوق، لتمهيد الطريق أمام تأجيل الرسوم المزمع فرضها في 15 كانون الأول/ ديسمبر، وهو ما لمّح إليه وزير الخزانة الأميركي الأسبوع الماضي، حين لفت إلى أن المناقشات ستتناول هذه المسألة، ولكن لم يُتّخذ أي قرارات في شأنها بعد.