يواجه الديمقراطيون عراقيل عدّة في إطار متابعة إجراءات التحقيق لعزل دونالد ترامب، الأمر الذي يتمثل في عدم امتثال الشهود الأساسيين أمام مجلس النواب. وفي الوقت الذي أكّد فيه القضاء الأميركي ضرورة امتثال البيت الأبيض لطلبات الاستدعاء أمام الكونغرس، ردّت وزارة العدل بأنها ستستأنف القرار، ما يُنبئ بمعركة طويلة بين الديمقراطيين والجمهوريين، ليس في الكونغرس فحسب، ولكن أيضاً أمام القضاء.أكّدت قاضية أميركية، أول من أمس، أنه يتعيّن على كبار المسؤولين والموظفين السابقين في البيت الأبيض الامتثال لطلبات الاستدعاء الصادرة عن الكونغرس، في حكم يمكن أن يؤثر في التحقيق الهادف إلى عزل الرئيس دونالد ترامب. ويتعلّق قرار القاضية كيتانجي براون جاكسون بالمحامي السابق للبيت الأبيض دون ماكغان، الذي تم استدعاؤه للمثول أمام اللجنة القضائية في الكونغرس، الأمر الذي ردّت عليه وزارة العدل مؤكّدة أنها تنوي استئناف هذا القرار، ما يشير إلى معركة قضائية طويلة مقبلة في إطار المواجهة بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وأشارت القاضية إلى أن مسؤولي الإدارة لا يمكن أن يحصلوا على حصانة مُطلقة استناداً إلى قربهم من رئيس البلاد. وكتبت القاضية الفدرالية أنّ «الخلاصة الأساسية للسنوات الـ250 الأخيرة من التاريخ الأميركي هي أن الرؤساء ليسوا ملوكاً»، مضيفة أن «لا أحد حتى رئيس السلطة التنفيذية فوق القانون». وأكدت أن «لا حاجة إلى القول إن القانون ينطبق على المحامي السابق للبيت الأبيض من دون ماكغان، كما ينطبق على المسؤولين الكبار الحاليين والسابقين في البيت الأبيض». وفي هذا السياق، شدّدت القاضية على أن «هذه المحكمة خلصت إلى أن الأفراد الذين تتم دعوتهم للإدلاء بشهادة أمام لجنة مكلّفة الاستماع إليهم في الكونغرس، يجب أن يحضروا شخصياً». وحرصت على التأكيد أنه «لا يمكنهم تجاهل أو تحدي» هذه الدعوات «بأمر من الرئيس أو غيره». لكنها أشارت إلى أنهم أحرار في عدم الإدلاء بأي إفادة عندما يحضرون إلى الكونغرس.
القاضية: «الخلاصة الأساسية للسنوات الـ250 الأخيرة هي أن الرؤساء ليسوا ملوكاً»


وماكغان شاهد أساسي للمدعي الخاص روبرت مولر، الذي حقّق لعامين بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت عام 2016، والشبهات بمحاولة ترامب عرقلة عمل القضاء. وقدّم مولر تقريره إلى الكونغرس لاستخلاص النتائج. لكن التحقيق البرلماني يراوح مكانه في غياب إمكانية الاستماع إلى شهود أساسيين مثل ماكغان. وفي الوقت نفسه، أطلق الديمقراطيون إجراءات لعزل ترامب في قضية تتعلّق بأوكرانيا. ويشتبه في أن الرئيس ترامب ضغط على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليُجري تحقيقاً حول جو بايدن خصمه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي القضيتين، استخدم ترامب صلاحياته الرئاسية لمنع مساعدين سابقين ومسؤولين في البيت الأبيض من التعاون في التحقيقات البرلمانية للديمقراطيين.
وقد يفتح القرار القضائي الأخير الباب أمام لجنة الاستخبارات، التي تعد اتهامات تهدف إلى عزل ترامب، لإجبار ثلاثة مسؤولين على المثول أمامها وهم مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون وكبير موظفي البيت الأبيض ميك مالفيني ووزير الخارجية مايك بومبيو.
ويُعتقد أن جميعهم لديهم معرفة مباشرة، بمطالبة ترامب المزعومة بفتح الرئيس الأوكراني زيلينسكي تحقيقات في حق بايدن، في مقابل قمة رفيعة المستوى ومساعدات عسكرية تحتاج إليها كييف بشدة. وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، في بيان: «لهؤلاء الشهود الذين يختبئون وراء ادّعاءات زائفة بالحصانة المطلقة. يظهر هذا القرار مرة أخرى كيف لا تزال مواقفهم غير ذات قيمة». وأضاف: «سيتعيّن على الشهود الذين تحدوا الكونغرس بناءً على أمر الرئيس أن يقرروا ما إذا كان واجبهم تجاه البلد أو رئيس يعتقد أنه فوق القانون».
ويمكن للحكم أن يحيي مجدداً قضية عرقلة ترامب التحقيق بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، والذي قاده المستشار الخاص مولر. وحدّد التقرير النهائي لمولر، والذي نُشر في نيسان / أبريل، 10 أعمال لترامب يشتبه في أنه قام بها لعرقلة القضاء. وقال رئيس اللجنة القضائية جيري نادلر رئيس، في بيان: «دون ماكغان شاهد رئيسي على مزاعم أن الرئيس ترامب عرقل تحقيق المستشار الخاص مولر». وأشار إلى أن «ادعاء الإدارة بأنه يمكن للمسؤولين المطالبة بحصانة مطلقة من مذكرات استدعاء صادرة عن الكونغرس لا أساس له قانوناً، كما أقرت المحكمة اليوم». لكنّ هذه الشهادات الحاسمة لن تحدث على الفور، إذ تخطط وزارة العدل للطعن في قرار القاضية جاكسون، كما أفاد المتحدث باسم الوزارة كيري كوبك. وقد يؤدي ذلك إلى رفع القضية إلى المحكمة العليا، وفي الوقت نفسه، يمكن أن تسعى الوزارة للحصول على قرار قضائي لمنع ماكغان أو غيره من التحدث أمام اللجنتين.