تبنّى البرلمان الفرنسي، أمس الثلاثاء، اقتراحاً تقدم به النائب عن حزب «الجمهورية إلى الأمام» الحاكم، سيلفان ميار، يساوي بين «معاداة الصهيونية ومعاداة السامية»، على أن يتم طرحه للمصادقة خلال الأيام القليلة المقبلة.وتمّ تبني المقترح بأغلبية ضعيفة، بعد جدل كبير حوله في البرلمان وخارجه، مع تخوّف معارضيه من أن يتم استغلاله لتكميم أفواه منتقدي السياسات الإسرائيلية، إذ صوّت 154 نائباً لمصلحة النص الجديد فيما صوّت ضده 72 نائباً، وفضّل أغلب نواب الجمعية الوطنية، التي تضم 577 نائباً، التزام الصمت لحساسية الموضوع فارتأوا عدم إبداء أي رأي بخصوصه.
وامتدت الاختلافات حول النص حتى بين مكوّنات الأغلبية نفسها، ممثّلة في حزب «الجمهورية إلى الأمام» الحاكم، وهذا ظهر من خلال عدد نوابه المصوّتين لمصلحة النص، الذي لم يتجاوز 84 من أصل 303 في الجمعية الوطنية، إذ تغيّبت غالبية نواب هذا الحزب أثناء عملية التصويت.
وجاء تبني المقترح بالرغم من تقديم مجموعة من 127 مثقفاً يهودياً عريضة دعت أعضاء البرلمان الفرنسي إلى معارضة الاقتراح، وقالوا في العريضة التي نشرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية: «نحن علماء ومفكرون يهود من إسرائيل ومن خارجها، وكثير منا مختصون في معاداة السامية وتاريخ اليهودية والمحرقة، نرفع أصواتنا ضد هذا المقترح». وأضافوا أن «مقترح القرار المعروض (..) أمام الجمعية الوطنية يمثل إشكالاً حقيقياً لأنه يساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية» مشيرين إلى أن العديد من اليهود يعتبرون أنفسهم «مناهضين للصهيونية».
ويأتي هذا المقترح في سياق تعهّد سابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتوسيع مفهوم معاداة السامية ليشمل معاداة الصهيونية أيضاً.

«معاداة السامية»
اعتمد مقترح النص على تعريف «التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست» (IHRA)، في صياغة مفهوم معاداة السامية الجديد. ويمكن قراءة هذا التعريف المترجَم من الفرنسية كالتالي: «معاداة السامية هي تصور معين لليهود، والتي يمكن أن تتجلى في الكراهية ضدهم. إن المظاهر الخطابية أو الجسدية لمعاداة السامية تستهدف الأفراد اليهود أو غير اليهود أو/ وممتلكاتهم، مؤسسات أهلية، وأماكن عبادة».
وهو التعريف نفسه الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي في عام 2017 ومجموعة من البلدان الأوروبية بينها النمسا، ألمانيا وبريطانيا. كما دعمته فرنسا من خلال تبني الرئيس إيمانويل ماكرون لهذا التعريف في كلمة له أمام المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية (في فرنسا) في شباط/فبراير الأخير، تعهد فيها بتوسيع مفهوم معاداة السامية ليشمل معاداة الصهيونية.
تصريح الرئيس الفرنسي جاء في سياق تواتر اعتداءات معادية للسامية، تمثلت في تخريب مقابر يهودية في بلاده. وتعهّد على خلفيتها أنه سيتخذ إجراءات قوية ضد معاداة السامية. واليوم، جدّد ماكرون تعهده بحماية اليهود في بلاده، سواء أكانوا «أحياءً أم أمواتاً». وقال عبر حسابه على موقع «تويتر»، إنّ اليهود «جزء لا يتجزأ من فرنسا، ومن يعتدي عليهم حتى وإن كانوا موتى في قبورهم، لا يدرك جيداً تلك الفكرة التي نتبناها». زقبل كلام ماكرون اليوم، تعرض أكثر من 100 قبر ليهود في قرية ويستهوفن، شرقي فرنسا، أمس الثلاثاء، للتخريب، إذ رُسم على القبور صليب معقوف وعبارات معادية. وأضاف: «معاداة السامية جريمة نحاربها، سواء في ويستهوفن أم في أي مكان آخر، حتى يستطيع موتانا أن يرقدوا في سلام».

«ترحيب إسرائيلي»
من جهتها، قالت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليوم الأربعاء، إن هناك رضى عظيماً «في إسرائيل وفي العالم اليهودي» على القرار التاريخي للبرلمان الفرنسي أمس الثلاثاء، في تعريف معاداة السامية. وأكدت الصحيفة أن «فرنسا انضمت إلى الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى، تبنّت صياغات مشابهة للقرار في السنوات الأخيرة»، منوّهة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال إن تبني القرار يؤكد ما قاله الرئيس الفرنسي بأن «اللاصهيونية هي الوجه الجديد للاسامية».