بعد يوم على إعلان الترويكا الأوروبية، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، اللجوء إلى «آلية فضّ النزاع» في الاتفاق النووي الإيراني، والذي ترافق مع تصريحات ترفض التصعيد، بدت هذه الدول أمس صريحة في الانخراط أكثر في الحملة الأميركية ضدّ طهران، من خلال تبني مشروع توقيع اتفاق نووي جديد. تصريحاتٌ أتت في وقت يتصاعد فيه الخلاف النووي مع طهران ويشتدّ التوتر بين الأخيرة وواشنطن، ما يظهر كمحاولة لإعلان انتقال أوروبا إلى المربع الأميركي بعد أشهر من التمايز عن الولايات المتحدة في ملف إيران واتفاقها النووي، وهو ما يضع الاتفاق في أسوأ مراحله منذ توقيعه عام 2015.البداية كانت مع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي قال: «إذا كنا سنتخلص منه (الاتفاق) فلنغيره ونستبدله باتفاق (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب». هذا الموقف حظي بترحيب من الممثل الأميركي الخاص بشأن إيران، برايان هوك، إذ قال إن واشنطن «سعيدة جداً» بتصريحات جونسون، ودعا ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إلى الانضمام لجهود الولايات المتحدة في عزل إيران دبلوماسياً. وأمس، وإن بلهجة مختلفة، رأى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، في حديث أمام البرلمان الفرنسي، أن السبيل الوحيد لحلّ الأزمة الحالية يتمثّل في موافقة طهران على محادثات حول اتفاق جديد موسّع، وتخفيف الولايات المتحدة العقوبات تدريجياً. وقال إن الجهود التي تبذلها بلاده والشركاء الأوروبيون منذ أيلول 2017 للشروع في مفاوضات جديدة تشمل أنشطة إيران النووية بعد 2025 وبرنامجها للصواريخ الباليستية وأنشطتها الإقليمية مقابل خفض العقوبات الأميركية هي السبيل الوحيد للمضي قدماً، مضيفاً أن «هذا البرنامج لا يزال قائماً وممكناً... إنه، اليوم، السبيل الوحيد للخروج من الأزمة».
«واشنطن بوست»: إدارة ترامب هدّدت بفرض رسوم على واردات السيارات من أوروبا


بحسب ما رشح من معلومات من واشنطن، فإن خيار التصعيد الأوروبي ناجم عن تهديد وجّهه ترامب إلى الدول الأوروبية. إذ نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أمس، أن إدارة ترامب هددت بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات من أوروبا إذا لم تتهم الدول الثلاث إيران رسمياً بخرق الاتفاق النووي، وهو ما قامت به بالفعل حين قابلت آخر خطوة إيرانية للتحلّل من التزامات الاتفاق ردّاً على الانسحاب الأميركي، بإعلانها تفعيل «آلية فض النزاع» التي قد تقود في النهاية إلى إعادة العقوبات على إيران. وفيما حظي التصعيد الأوروبي بترحيب إسرائيلي، استعجل وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إعادة فرض العقوبات الدولية، متوقعاً أن يتم ذلك سريعاً. وقال: «أجريت مناقشات مباشرة جداً، كما فعل وزير الخارجية (مايك) بومبيو أيضاً، مع نظرائنا (الأوروبيين)»، وزاد: «أعتقد أنكم رأيتم الدول الأوروبية الثلاث وقد أصدرت البيان وفَعّلت (آلية) فض النزاع. ونتطلّع إلى العمل معها بسرعة، وأتوقع إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة سريعاً».
مقابل التصعيد الغربي، خرجت التصريحات من طهران برفض صريح للمواقف الأوروبية. ورفض الرئيس حسن روحاني طرح جونسون، واصفاً ترامب بأنه دائم النكوص عن تعهداته، وقال: «لا أعلم كيف يفكر السيد رئيس الوزراء هذا في لندن، يقول دعونا نترك الاتفاق النووي ونفعّل خطة ترامب... إذا اتخذتم الخطوة الخطأ فسوف تضرّكم. اختاروا الطريق الصحيح. الطريق الصحيح هو العودة إلى الاتفاق». من جهته، هاجم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، المواقف الأوروبية، متهماً الترويكا بعدم المصداقية وبأنها كانت منهمكة بتنفيذ العقوبات الأميركية ليس إلا، ولم تفعّل آلية التبادل المالي. وزاد: «الدول الأوروبية الثلاث تتصور بأنها تعيش في القرن الـ19، حينما كانت تفرض آراءها على الدول الأخرى، كانت تكذب وتتملّص. إيران قامت بتفعيل آلية فضّ النزاع. أوروبا وليست إيران هي التي أفرغت الاتفاق النووي من مضمونه. نفذوا التزاماتكم التي على عاتقكم، ولو واحداً منها!». في غضون ذلك، شدد كلّ من روحاني وظريف على أن اغتيال الجنرال قاسم سليماني سيؤدّي إلى إخراج القوات الأميركية من المنطقة.