دخلت مساعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإعادة هيكلة نظام الحكم في بلاده طوراً جديداً يوم أمس، بعدما قدّم حزمة التعديلات الدستورية المُقترحة إلى البرلمان، مسرّعاً وتيرة إصلاح مفاجئ أعلنه في خطابه عن حالة الأمة الأسبوع الماضي. إزاء ذلك، كثرت التنبّؤات حيال المستقبل السياسي للرئيس بعد انتهاء ولايته في 2024، بعدما اقترح تعديلات تتمحور حول نظام رئاسي ـــ برلماني يتقاسم فيه مجلسا الدوما والاتحاد بعض صلاحيات الرئيس المقبل.ويحدِّد مشروع القانون المرتبط بالإصلاحات، الذي نشر على موقع مجلس النواب (الدوما)، بالتفاصيل، سلسلة إجراءات يعزّز بعضها دور البرلمان في تسمية رئيس الوزراء وفريقه الوزاري، فيما يحدّ بعضها الآخر ولاية الرئيس بفترتين بدلاً من فترتين متتاليتين. ومن ضمن الإجراءات البارزة تفعيل مهام ودور مجلس الدولة المُكلّف وفق مشروع القانون بـ«تحديد أبرز توجّهات السياسة الداخلية والخارجية في الاتحاد الروسي»، ما يجلّي الغموض المتعلّق بهذه الفقرة خصوصاً، والدور المنوط بهذا المجلس، وهو ما يفتح على احتمالات كثيرة، منها أن تضطلع هذه المؤسسة بالإشراف على «الدولة»، لكونها تضم كل المؤسسات الرئيسة: الإدارة الرئاسية، والحكومة والوزراء، والمحافظين، وقيادة حزب «روسيا الموحدة»، ورؤساء الشركات الحكومية ومصارف الدولة.
تعتزم المعارضة تنظيم تظاهرة نهاية الشهر ضد التعديلات الدستورية


بوتين، الذي أثار مفاجأة كبرى بعد إعلانه هذه التعديلات التي أدت إلى استقالة الحكومة برئاسة ديمتري ميدفيديف، عزا الأمر آنذاك إلى واقع «ظهور طلب تغيير بوضوح من داخل المجتمع» الروسي. وعبر تقديمه التعديلات التي اقترحها، فاجأ مرّة جديدة الجميع، إذ أعلن رئيس «الدوما» فياتشيسلاف فولودين أن اللجنة البرلمانية المكلّفة بهذه التعديلات الدستورية ستجتمع اعتباراً من اليوم، مضيفاً: «ألقى الرئيس خطابه إلى الأمة، وكل شيء أعلن بوضوح، ولقد تلقّينا اليوم (أمس) المبادرات القانونية. ماذا كان يجب أن نفعل بها، طمسها؟». ويستبعد النص الذي عرض أمام البرلمان أي عودة لبوتين إلى الكرملين بعد توقّف في مهام أخرى، كما فعل لدى توليه مهام رئيس الوزراء من 2008 إلى 2012 بعد ولايتين رئاسيتين متتاليتين، فيما يذهب بعض التحليلات إلى القول إن بوتين قد يتولّى دوراً أعلى يتجاوز المواجهات السياسية، كما فعل نور سلطان نزارباييف في كازاخستان، حين اضطلع عام 2019 بدور «أبي الأمة»، تاركاً الرئاسة لشخصية وفيّة ومطيعة له.
وتعتزم المعارضة الروسية تنظيم تظاهرة في 29 شباط/ فبراير، لإبداء الاعتراض على التعديلات الدستورية التي تعتبرها «حيلة من الرئيس ليحكم مدى الحياة». في هذا السياق، أعلن السياسي المعارض إيليا ياشين، الذي وصف التعديلات بأنها تصل إلى أن تكون «حكماً إلى الأبد»، أن «المجتمع يحتاج إلى احتجاج كبير وحاشد حقيقة». وقال ياشين: «ستكون مسيرة سياسية هدفها الرئيسي الدعوة إلى التناوب على السلطة والاحتجاج على اغتصابها».