ألعابٌ لـ«السلام»
تتّسق مساعي الإدارة الأميركية لتغيير النظام في فنزويلا مع أطروحات تقدّمها الأذرع الإعلامية المعادية للاشتراكية، ومن بينها مجلّة «فورين بوليسي» التي تصدر عن مؤسسة «كارنيغي». قبل سنواتٍ، أطلقت المجلّة مبادرة باسم «لعبة السلام» كـ«بديلٍ للحرب» كما يلفت الموقع الإلكتروني الخاص بالمبادرة التي شاركت في تأسيسها سفارة دولة الإمارات في واشنطن. في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، جمَعت هذه المبادرة قيادات عالمية في واشنطن، بحثاً عن حلٍّ لأسوأ السيناريوات المحتملة في فنزويلا، واستكشاف طرقٍ للاستجابة لها بفعالية. لكن الهدف الرئيسي، كما بدا واضحاً من خلال قراءة صفحات المبادرة، يمكن تقسيمه إلى شقّين: الأول، المساعدة في صناعة القرار الدولي، والثاني، تقديم اقتراحات وتوصيات لكيفية الضغط على حكومة مادورو.
تعمل واشنطن وحلفاؤها على «مشروع» سيؤدّي في النتيجة إلى استقالة مادورو
«ألعاب السلام» هذه، كما تصفها «فورين بوليسي»، هي محاكاة للأزمات تستند إلى سيناريو يوفّر للمشاركين فرصةَ «التصدّي للتحديات الدبلوماسية وبناء السلام»، بنفس مستوى «الإبداع والتركيز» اللذين تمّ تكريسهما تقليدياً لـ«ألعاب الحرب». مع الهدف الرئيسي المتمثّل، كما تدّعي، في حلّ النزاعات بشكل «سلمي»، تعمل هذه المحاكاة أيضاً على تفعيل التواصل بين اللاعبين المؤثرين. جمع حدث تشرين الأول مسؤولين وخبراء مِن المنطقة ومِن جميع أنحاء العالم، للعمل تحت ضغط سيناريو يضمّ مجموعة من الأزمات المحتملة في حالة انهيار الدولة بشكل كامل. وحضر سفراء ووزراء وضباط عسكريون حاليون وسابقون وخبراء من جميع أنحاء المنطقة ممّن يشاركون مباشرة في تخطيط السياسات والأمن، وأولئك الذين تؤثّر الأزمة الفنزويلية بشكل مباشر عليهم. لعب المشاركون أدوار: حكومة مادورو، والحكومة الموقتة، وكولومبيا، والجيران الإقليميين (البرازيل، والإكوادور، وبيرو، وتشيلي)، وروسيا، والصين، وكوبا، والمؤيدين الدوليين للحكومة الموقتة والجماعات المسلحة (القوات المسلحة الثورية في كولومبيا «فارك»، وجيش التحرير الوطني، كوليكتيفو، الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، المنظمات غير الحكومية، والجماعة الكاريبية «كاريكوم»).
رسمت المبادرة السيناريو الأسوأ: الانهيار الشامل. وهو سيناريو يتضمّن تصعيد الولايات المتحدة وأوروبا للضغط الاقتصادي على حكومة مادورو عبر تعطيل قدرة فنزويلا على استخدام أنظمة الدفع الدولية للمعاملات. محاكاة بدت أقرب إلى توصيات، وخصوصاً أن العقوبات المستهدفة والمكثفة إلى جانب عدم القدرة على الوصول إلى الأسواق المالية ستؤدّي إلى «وضع نظام مادورو على شفا الهاوية»، وتالياً الانهيار السياسي والاقتصادي للدولة، ومفاقمة يأس الفنزويليين... تهدف محاكاة الأزمة والحوار الناتج مِنها إلى «المساعدة في صناعة القرار الدولي»، مع إضفاء «البعد الدولي» على الأزمة التي نبّهت أسوأ سيناريواتها إلى «ضرورة العمل فوراً». من هنا خرجت توصيات، تشمل:
ــــ يتعيّن على اللاعبين الدوليين الذين يدعمون الديموقراطية وضع خطة عمل منسّقة ورشيقة فوراً، من شأنها أن تمنع/ أو، إذا حدث الانهيار، أن تحدّ من تأثيراته الإقليمية والدولية.
ــــ أن تكون القوى الديموقراطية في فنزويلا استراتيجية في تخطيط كيفية التخفيف من تأثير الجهات الخارجية سيئة النية، التي يمكنها الإسراع والاستفادة من انهيار الدولة.
ــــ على الحكومات الائتلافية والمنظمات غير الحكومية المحلية التنسيق فوراً لتحديد طرق المهاجرين الرئيسية وتمويل تقديم المساعدات بشكل مباشر.
ــــ متابعة المسارات المتعددة في ظلّ تقاطع الأزمة، بما في ذلك المسارات التي تهدف إلى الاستقرار، وتوزيع المساعدات، والتسوية السياسية المتفاوَض عليها.
ــــ وضع خطط للطوارئ لمعالجة الظروف الأمنية المتدهورة بسرعة، في حال لم يتصرف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.