صادقت الملكة إليزابيث الثانية رسمياً، أمس، على القانون التاريخي المتعلّق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الحالي. وكتب وزير «بريكست»، ستيف باركلي، على موقع «تويتر»: «منحت جلالتها، الآن، الموافقة الملكية على مشروع قانون بريكست، ليصبح بالتالي قانون بريكست». وأضاف: «بتكريسه قانوناً، يمكن للمملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/ يناير». وكان مجلس العموم قد صادق نهائياً، أول من أمس، على الاتفاق، مُمهّداً بذلك لتنفيذ «بريسكت». وجاءت هذه المصادقة بعدما كان المجلس ذاته قد صادق سابقاً على الاتفاق، قبل أن يطلب مجلس اللوردات، هذا الأسبوع، إدخال تعديلات عليه، لا سيما في ما يتعلق بحقوق رعايا الاتحاد الأوروبي والأطفال اللاجئين بعد «بريكست». لكن مجلس العموم، حيث يحظى رئيس الوزراء بوريس جونسون بغالبية وازنة، رفض التعديلات الخمسة، وردّ الاتفاق إلى مجلس اللوردات الذي اضطرّ إلى الرضوخ.
يُنتظر أن يوقّع مسؤولان كبيران في الاتحاد الأوروبي معاهدة الانفصال اليوم

وعلى الرغم من أن الاتفاق لا يزال يحتاج إلى مصادقة البرلمان الأوروبي، الذي سيُجري تصويتاً في شأنه الأسبوع المقبل، إلا أن مصادقة لندن على الاتفاق تعتبر لحظة تاريخية، خصوصاً أنها تمهّد لكي تكون المملكة المتحدة أول دولة تخرج من التكتّل الأوروبي. ويُنتظر أن يوقّع مسؤولان كبيران في الاتحاد، اليوم، معاهدة الانفصال الرسمية في بروكسل، قبل أن يقوم جونسون - أبرز وجوه استفتاء الانسحاب في عام 2016 - بالتوقيع عليه في الأيام المقبلة. وقال جونسون، بعد مصادقة مجلسَي البرلمان على مشروع قانون الانسحاب، أول من أمس: «في بعض الأحيان، بدا كأننا لن نجتاز خطّ نهاية بريكست، لكننا اجتزناه». ويُعدّ الانفصال، المقرّر في 31 كانون الثاني/ يناير الجاري، إنجازاً لجونسون الذي تولّى رئاسة الحكومة العام الماضي، متعهّداً بوضع حدّ للأزمة السياسية التي أحدثت انقساماً في البلاد، وشلّت حكومتين متعاقبتين. إلا أن ذلك لا يلغي قلق مديري الأعمال والصناعات البريطانية في شأن كيفية التعامل مع الاتحاد الأوروبي بعد الانفصال، الأمر الذي كان قد زاده تعقيداً تصريح وزير الخزانة، ساجد جاويد، في حديث إلى مجلّة «ذي فايننشل تايمز» الأسبوع الماضي، عن أنه «يجب على الشركات أن تتأقلم مع حقيقة الحياة الجديدة خارج السوق الواحدة واتحاد الجمارك»، في تلميح إلى احتمال حصول تباعد كامل مع الاتحاد. ولكن في الأيام اللاحقة، أعاد جاويد توضيح كلامه، مشيراً إلى أن «الحكومة قد تلجأ إلى التباعد، فقط في حال رأت أن الأمر يستحق ذلك، وبعد التحقّق من الإيجابيات والسلبيات».
وفي خلال «المنتدى الاقتصادي العالمي» المنعقد في دافوس، واصل وزير الخزانة طمأنة رجال الأعمال، مؤكداً أنه لن يكون هناك تخلٍّ بالجملة عن أنظمة الاتحاد الأوروبي، وذلك ردّاً على سؤال عمّا إذا كانت بريطانيا ستواصل العمل ضمن إطار كتيّب معايير الاتحاد، والذي يُنظر إليه على أنه مهم بالنسبة إلى شركات الطيران والسيارات في المملكة المتحدة. وقال جاويد: «سنغادر الاتحاد الأوروبي، والسوق الأوروبية، والاتحاد الجمركي»، مضيفاً: «إننا نقوم بذلك كي تكون لدينا القدرة على إدارة أنظمتنا وقوانيننا». وفي إجابته عن سؤال حول كيفية تنفيذ ما تقدّم، أكد أنه «لن يحصل تباعدٌ (عن الاتحاد الأوروبي) من أجل هذا الموضوع». وفي خطاب سابق، شدد جاويد على أن «الحكومة ستحمي دائماً مصالح التجارة البريطانية»، قائلاً: «سنحافظ على معايير عالية، ليس لأنه أمرٌ مطلوب، ولكن لأننا نريد ذلك. هذا ما يريده الشعب البريطاني».