تُثبت مؤسسة الحزب الديموقراطي، يوماً بعد يوم، أنها لا تختلف جوهرياً عن نظيرتها في الحزب الجمهوري. ومثلما سعت الأخيرة، وفشلت، في علاج حمّى دونالد ترامب، فإن الأولى لم تتعلّم من التجربة، إذ توظّف إمكاناتها في محاولة عرقلة تقدُّم سيناتور فيرمونت، بيرني ساندرز، نحو حيازة بطاقة ترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. ولا يمكن قراءة التسريبات التي تحدّثت عن «تدخّل روسي» لمصلحة ساندرز ــــ يؤمَل منه أن ينعكس سلباً على حملته ــــ بمعزل عمّا تقدّم. لكن التسريبات التي سبقت بيوم واحد الجولة الثالثة من الاقتراع التمهيدي في ولاية نيفادا (غرب الولايات المتحدة) أول من أمس، لم تؤثّر في النتيجة التي جاءت لمصلحة السيناتور المستقلّ. وتنتقل المنافسة الديموقراطية إلى ولاية كارولينا الجنوبية الأسبوع المقبل، قبل انتخابات «الثلاثاء الكبير» التي ستجرى في الثالث من آذار/ مارس، حين تصوّت 14 ولاية في يوم واحد. وبحصوله على 46% مِن الأصوات، تَقدّم ساندرز في انتخابات نيفادا بفارق كبير على منافسيه، إذ جاء نائب الرئيس السابق، جو بايدن، في المرتبة الثانية بـ 19.6% من الأصوات، مُتقدّماً على رئيس بلدية ساوث بِند (إنديانا) السابق، بيت بوتيدجيدج، الذي صوّت 15.3% من الناخبين له. وانتقل الأخير إلى موقع الهجوم على ساندرز، ساعياً إلى تقديم نفسه على أنه سدّ معتدل في وجه مواقف «شديدة الميل إلى اليسار»، تجعل سيناتور فيرمونت غير قادر على جمع الناخبين وإلحاق الهزيمة بترامب. وقال إن ساندرز «يؤمن بثورة عقائدية متصلّبة تنسى معظم الديموقراطيين، هذا إن لم نتحدّث عن معظم الأميركيين»، محذّراً من خطر اختيار «اشتراكي» يرى أن الرأسمالية «مصدر كلّ الشرور». أما بايدن الذي بَقي لفترة طويلة المرشّح الأوفر حظاً للفوز، فعبّر عن ارتياحه للنتيجة التي حقّقها في نيفادا بعد هزيمتَين متتاليتَين في أيوا ونيوهامشر؛ إذ يعوّل نائب الرئيس السابق باراك أوباما، والذي يتمتع بشعبية بين الأقليات، على نتيجة جيدة الأسبوع المقبل في ولاية كارولينا الجنوبية التي يشكّل فيها السود أكثر من نصف الناخبين الديموقراطيين.
ترامب: آدم شيف يقف وراء تسريب التدخل الروسي


الجولة الثالثة من الاقتراع التمهيدي وضعت ساندرز في موقع قوي قبل انتخابات «الثلاثاء الكبير»، حين ينضمّ الملياردير الأميركي، مايكل بلومبرغ، إلى السباق الذي دخله متأخراً في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وعلى رغم غيابه عن المشاركة في انتخابات الولايات الأربع الأولى (أيوا، نيوهامشر، نيفادا وكارولينا الجنوبية)، تمكّن الرئيس السابق لبلدية نيويورك من الوصول إلى المرتبة الثالثة في معدّل استطلاعات الرأي الوطنية. ومع أنه أظهر أداءً سيئاً في مناظرته التلفزيونية الأولى الأربعاء، إلا أن بلومبرغ بات يمثّل الورقة الأخيرة في يد «الديموقراطي» بعد فشله في تعويم بايدن، إذ يراهن على اكتساحه ولايات الثلاثاء الـ 14، وتالياً إضعاف حظوظ ساندرز، وخروجه من السباق الرئاسي. لكن السيناتور، الذي يتمتّع بشعبية كبيرة بين الشباب، تمكّن، هذه المرة، مِن جذب الأقليات، الأمر الذي شكّل إحدى نقاط ضعفه في محاولته الفوز بترشيح الديموقراطيين لرئاسيات 2016. ومِن إل باسو (تكساس) التي ترتدي مع كاليفورنيا أهمية كبيرة بين الولايات التي ستصوّت في الثالث مِن آذار/ مارس، قال أمام حشد من أنصاره، أول من أمس، «(إننا) سننتصر في جميع أنحاء هذا البلد لأن الأميركيين سئموا من رئيس يكذب طوال الوقت»، لافتاً إلى أنه تمكّن من جمع «تحالف متعدّد الأجيال ومتعدّد الأعراق» في نيفادا التي تتّسم بتنوع سكاني كبير، ونصف سكانها من المتحدّرين مِن أميركا اللاتينية.
وفيما لا يزال الطريق طويلاً للوصول إلى ترشيح الديموقراطيين، أوردت «واشنطن بوست» ما قالت إنه «معلومات استخبارية» عن «تدخّل روسي» لمصلحة ترشيح ساندرز. معلومات يُتوقّع منها أن تربك حملة السيناتور المستقل وتنعكس سلباً عليها، وخصوصاً أنه سارع إلى تأكيد موقفه الرافض لأي تدخّل، وأصدر بياناً جاء فيه: «رسالتي إلى بوتين واضحة: ابتعد عن الانتخابات الأميركية، وعندما أُصبح رئيساً سأحرص على هذا الأمر». وبحسب الصحيفة، فإن مسؤولين أميركيين أبلغوا ساندرز بأن موسكو تسعى إلى دعم حملته الرئاسية، وهو ما أكده الأخير بإشارته إلى أنه تلقّى إشعاراً بهذا الخصوص «قبل نحو شهر». وأثارت هذه المسألة غضب ترامب أيضاً، فندّد، خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس، الجمعة، بـ«مهزلة» يفتعلها «الديموقراطيون المتطرّفون»، عبر نشر «معلومات مضلّلة». ودعا، يوم أمس، إلى إجراء تحقيق في شأن التسريب، مؤكداً أنه لم تتمّ إحاطته بمعلومات استخبارية حول عزم روسيا دعم حملة بيرني، واتهم رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، آدم شيف، (قاد محاكمة عزل ترامب)، بالوقوف وراء التسريب المزعوم بهدف الإضرار بساندرز.