لا تزال أسعار النفط قرب أدنى مستوياتها منذ ما يقرب مِن عشرين عاماً، مدفوعةً أولاً بازدياد وتيرة المخاطر العالمية الناتجة مِن تمدُّد فيروس «كورونا»، وأزمة حرب أسعار النفط السعودية - الروسية ثانياً. وفي حين تتلكّأ الإدارة الأميركية إزاء معركة الحصص السوقية بين الرياض وموسكو في العلن، خصوصاً بعدما أرجأ دونالد ترامب انخراطه في الأزمة إلى «الوقت المناسب»، تدرس واشنطن إجراءات للضغط على المملكة من أجل خفض الإنتاج المتوقّع أن يبلغ ذروته في الشهرين المقبلين عند 12.3 مليون برميل يومياً، في موازاة تهديد روسيا بالعقوبات من أجل تحقيق استقرار سوق الخام، وفق ما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال». ويسعى ترامب، بحسب ما صرّح به أمس، إلى إيجاد «حلّ وسط»، بعدما تحدّث إلى عدة أشخاص في شأن أزمة النفط. وإذ اعتبر أن ما يجري «أمر مدمّر للغاية بالنسبة إلى روسيا»، التي «يعتمد اقتصادها بأسره على أسعار النفط»، أضاف: «قد أقول إنه سيئ جداً للسعودية، لكنّهم يخوضون معركة، معركة على الأسعار، معركة على الإنتاج. سأتدخّل في الوقت المناسب».وعزّز النفط مكاسبه في وقت متأخر من يوم أمس، معوضاً بعض الخسائر التي دفعت بالأسعار قرب أدنى مستوياتها منذ عام 2002، لكن المحللين رأوا في الانتعاش استراحة وجيزة، متوقّعين مزيداً من الضعف وسط تأثُّر الطلب العالمي بتفشي فيروس «كورونا». وتلقّى الخام الأميركي وخام القياس العالمي «برنت»، وكلاهما فقَدَ نصف قيمته في أقل مِن أسبوعين، بعض الدعم في ظلّ عكوف المستثمرين في شتى أسواق المال على تقييم أثر إجراءات التحفيز الضخمة التي أعلنتها المصارف المركزية. وتحدّد سعر التسوية لخام «غرب تكساس الوسيط» على ارتفاع 4.85 دولار بما يعادل 24% عند 25.22 دولاراً بعد هبوطه حوالى 25% إلى أدنى مستوياته في 18 عاما خلال الجلسة السابقة. وأغلق خام «برنت» مرتفعاً 3.59 دولارات أو 14.4% إلى 28.47 دولاراً للبرميل، بعدما هوى إلى 24.52 دولاراً أول من أمس، أدنى مستوياته منذ 2003.
في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الطاقة الأميركية عزمها على شراء ما يصل إلى 30 مليون برميل مِن النفط الخام لاحتياطي البترول الاستراتيجي في نهاية حزيران/ يونيو، كخطوة أولى في اتجاه إنفاذ توجيه ترامب بملء مخزون الطوارئ لمساعدة منتجي الخام المحلّيين الصغار والمتوسطين. في هذا الإطار، قال وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، لقناة «فوكس بزنس» إنه سيحثّ الرئيس على الاستفادة من انخفاض أسعار النفط ومطالبة الكونغرس بما بين 10 و20 مليار دولار لملء الاحتياطي الاستراتيجي على المدى الطويل. وتبلغ الطاقة المتاحة للاحتياطي، المقام في تجاويف أرضية طبيعية على سواحل تكساس ولويزيانا، 77 مليون برميل.