ليست السلطات المدنية في الولايات المتحدة الأميركية، وحدها مُربكة جراء انتشار فيروس "كورونا" في أرجاء البلاد، بل أخذت السلطات العسكرية نصيبها الوازن. فمنذ أيام تواردت الأنباء عن تسجيل إصابات في صفوفها، ليس فقط على الأراضي الأميركية، بل في أنحاء العالم حيث توجد قواعدها العسكرية وحاملات طائراتها، ما دفع ذلك بوزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إلى "تجميد كل تنقلات العسكريين الأميركيين حول العالم لمدة شهرين، بما فيها "عمليات إرسال الجنود إلى مناطق القتال أو إعادتهم إلى وطنهم"، في محاولة لوقف انتشار الوباء وسط الجنود. وأوضح بيان صدر عن إسبر أول من أمس، أن التجميد "يشمل أيضاً أفراد أسر هؤلاء الموظفين إذا كانوا يعيشون معهم في الخارج"، كما سيسري على نحو 900 ألف عنصر في القوات المسلّحة الأميركية المنتشرين في الخارج، وسيكون له أثر على "عمليات التدريب والانتشار وإعادة الانتشار وتحركات أخرى للقوات".وحتى مساء اليوم، ارتفعت حالات الإصابة بالفيروس في صفوف الجيش الأميركي إلى 309، وفي موظفي وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى 613، وفق معطيات رسمية.
حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" التي تُبحر في المحيط الهادي، كان لها النصيب الأكبر من عمليات العزل، إذ أعلن الجيش الأميركي اليوم، إخضاع 5 آلاف جندي على متنها للحجر الصحي، وذلك إثر ارتفاع إصابات فيروس كورونا في صفوفهم. وفي بيان، قال قائد العمليات البحرية الأميرال مايك جيلداي، إن إصابات كورونا بين البحّارة بـ"يو إس إس ثيودور روزفلت"، ارتفعت إلى 30، بعدما كانت ثلاثة الثلاثاء الماضي، مشيراً إلى الاستمرار في إجراء فحوصات الكشف عن كورونا بين الجنود، وإلى نقل المصابين منهم إلى مستشفى "البحرية الأميركية" بالجزيرة. وأردف بالقول: "عمليات التعقيم مستمرة في السفينة، وننتظر أن تظهر إصابات جديدة بين البحّارة".
أما في كوريا الجنوبية، فقد أعلنت قيادة القوات الأميركية اليوم، إصابة مجنّدة أميركية مرابطة في قاعدة "همفريز" بمدينة بيونغ تيك، ما يرفع عدد المصابين بين المرتبطين في صفوف القوات الأمركية هناك إلى 11. سبق ذلك، إعلان قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية، حالة الطوارئ أول من أمس، ما يعني ضمان سلطة القادة لإصدار توجيهات ذات صلة وضرورة الامتثال، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه.
وفي ما يخص أفغانستان، حيث ينتشر حوالى 12 ألف جندي أميركي، تم عزل 1500 من الجنود والمدنيين الذين وصلوا أخيراً، لتجنّب أي نشر محتمل لفيروس "كورونا"، وفقاً لما قاله قائد بعثة "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) في أفغانستان، الجنرال أوستن ميللر. وفي تغريدة نشرها على موقع "تويتر" أضاف ميللر أن الجيش الأميركي "قام بإجراءات فحص جديدة لأفراده الوافدين إلى أفغانستان". ولفت إلى أن "معظمهم من القوات المنشورة حديثاً أو الأشخاص العائدين من إجازة، ويخضعون للحجر كإجراء احترازي وليس بسبب كونهم مرضى". وتابع أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان يحد أيضاً من الوصول إلى القوات والقواعد المهمة.
إعلان العزل، يأتي بينما تقلّل الولايات المتحدة من تواجد قواتها في أفغانستان بموجب اتفاق سلام وقّعته الشهر الماضي مع حركة "طالبان"، إذ من المقرر للآلاف من القوات الأميركية وقوات حلف "شمال الأطلسي" (الناتو) الانسحاب من أفغانستان خلال الشهور القليلة المقبلة، غير أن إجراءات الحجر الصحي المشدّدة يبدو أنها ستعيق مثل هذه الجهود. رغم ذلك، يصرّ المسؤولون الأميركيون على أن هذه الإجراءات لن تؤثر على عملية الانسحاب، ومنهم وزير الدفاع الذي أعلن في بيانه الذي صدر يوم الأربعاء الماضي، أنه "من غير المتوقّع أن يكون لهذا القرار تأثير بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان"، الذي من المفترض أن يكتمل بعد 135 يوماً من توقيع الاتفاق مع حركة "طالبان" في الدوحة في 29 فبراير/ شباط الماضي.