بعد أقلّ من ساعة على «توقّع» الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقرب إعلان توافق روسي ــ سعودي على اتفاق لخفض إنتاج النفط، دعت السعودية أعضاء «أوبك» والدول المنتجة خارجها، إلى «اجتماع عاجل» يهدف إلى إعادة «التوازن» إلى أسواق النفط.الإعلان السعودي الرسمي الذي أكد أن الاجتماع يسعى للوصول إلى «اتفاق عادل»، ذكر صراحة أن الدعوة له أتت «تقديراً» لطلب الرئيس الأميركي «والأصدقاء في الولايات المتحدة»؛ وذلك عقب اتصال هاتفي بين ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
المسار الحالي يوضح أن الولايات المتحدة دفعت نحو «إعادة التوافق» لتخفيف المعروض من النفط، ولم تعتمد سياسة الضغط على الطرفين الأبرز في «حرب الأسعار»، روسيا والسعودية.
وهي مقاربة مهّد لها ترامب عبر سلسلة اتصالات جمعته بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وبن سلمان؛ وأتاحت له تلك الجهود أن يقدّر، اليوم، الخفض المتوقّع وفق «الاتفاق الجديد» المرتقب، بنحو 10 ملايين برميل، وقد يصل إلى 15 مليون برميل.
إعلان ترامب ــ قبل الدعوة السعودية ــ كان كافياً لارتفاع خام غرب تكساس الوسيط، بأكثر من 30 في المئة (لا يزال رغم الارتفاع أقلّ بنحو 40 في المئة عن سعره في الشهر الماضي)، فيما قفز خام برنت القياسي العالمي 24 في المئة، وفق أرقام رصدتها شبكة «CNBC».
ومطلع اليوم، قالت منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) إن السعر اليومي لسلة خاماتها هبط إلى 16.87 دولاراً للبرميل في أول نيسان، من 22.61 دولاراً في اليوم السابق، ليسجل أدنى مستوى منذ استحداث السلة في 16 حزيران 2005.

المفتاح عند ترامب؟
منذ الإعلان عن الاتصال الهاتفي الأخير بين ترامب وبوتين، قبل حدوثه، بدأ الرئيس الأميركي التصويب على ملف النفط، وضرورة خفض المعروض، بما يحمله ذلك من «أخبار رائعة لصناعة النفط والغاز». وبرغم أن ما رشح عن الاتصال بقي في إطار الحديث البروتوكولي، فإن الاتصالات المكثفة، التي تلته، بين مسؤولي قطاع النفط الأميركيين والروس، كشفت أن هناك احتمالات بالذهاب إلى مفاوضات واتفاق جديد.
وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، قال إنه تحدث إلى نظيره الأميركي دان برويليت، أمس، وخرجا بـ«رؤية متطابقة» في شأن سوق النفط، ولا سيما ضرورة ضمان «الاستقرار». ودافع نوفاك عن قدرة بلاده على المنافسة وتخطي مرحلة الأسعار المنخفضة، إلا أنه أكد أن أسعار النفط الحالية لا تناسب أحداً، وأنه سيكون من الخطأ رفع إنتاج النفط الروسي، مضيفاً أنه لم يكن في الإمكان «توقّع حال السوق» في اجتماع «أوبك +» الأخير في 6 آذار المنصرم. وأظهرت بيانات لوزارة الطاقة نشرتها وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، اليوم، أن إنتاج النفط الروسي بلغ 11.29 مليون برميل يومياً، من دون تغيير عن مستواه قبل شهر.
الحديث عن اجتماع جديد برعاية أميركية، سبقه تأكيد من الكرملين، أن الدول المنتجة للنفط لم تبحث في أي اتفاقات محدّدة «بخلاف صيغة اتفاق أوبك +»، الذي انتهى أجله في نهاية الشهر الماضي. واعتبر وزير النفط العماني، محمد بن حمد الرمحي، وفق ما أفادت صحيفة «الوطن» العمانية، أن «الدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة الأميركية... إلى الدول الرئيسية في منظمة أوبك بالعودة إلى المفاوضات قد تفتح بارقة أمل في أن تشهد الفترة القادمة حلولاً عملية لموضوع ضبط تراجع الأسعار».
التعويل الأميركي على الاجتماع وأهميته لقطاع النفط، بدا واضحاً من خلال دعوة ترامب المسؤولين التنفيذيين لشركات النفط إلى «البيت الأبيض»، اليوم وغداً، لبحث سبل الخروج من الوضع الحالي. وبرغم ذلك حذّر عديد من المحللين من أن «الطريق لا يزال طويلاً» قبل الاتفاق على أي خفض في الإنتاج.
وفي المقابل، رأى مختصون أن هناك طريقين للخروج من الأزمة الحالية، وهما إما التعاون، وهذا يتضمن إشراك الولايات المتحدة في اتفاق «أوبك +»، أو الضغط الأميركي على السعودية وروسيا، بما يشمل التهديد بفرض عقوبات. وكانت إدارة ترامب قد أعلنت قبلاً، أنها تخطط لإرسال مبعوثة خاصة إلى الرياض للضغط من أجل خفض الإنتاج، فيما قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن من المحتمل أن يناقش ترامب مع مسؤولي شركات النفط، إمكانية فرض رسوم على واردات النفط من السعودية.
الحاجة المشتركة لدى منتجي النفط، لانتشال أسعار الخام من قعرها الحالي، قد تدفع إلى اتفاقات بخفض الإنتاج، ولا سيما إن تم تعويض ذلك بطرق بديلة، يمكن واشنطن أن تؤمّنها حالياً؛ خاصة أن رفعها بعض العقوبات مثلاً عن روسيا، سيكون خطوة ذات فوائد متعددة (بما في ذلك انتخابية لترامب)، إن كان مقابلها «استقرار» سوق النفط.