تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سياسة «الضغوط القصوى» ضد إيران، رافضة الدعوات إلى الأخذ بعين الاعتبار جائحة «كورونا» وتداعياتها، بل تصرّ على استغلال الأزمة المستجدّة لتحقيق حملتها، رغم العوامل الإنسانية الدافعة إلى تخفيف العقوبات على الدول التي تريد التعامل مع إيران. على هذا التوقيت، أتت حادثة الخليج البحرية، حيث واجهت زوارق حربية تابعة للحرس الثوري سفناً عسكرية أميركية، بحسب ما أعلن الجيش الأميركي ليل الأربعاء ــــ الخميس، ليس فقط بعد فترة من الهدوء النسبي والهشّ في المنطقة، بل في عودة لتكرار احتكاكات بحرية كانت قد توقّفت بين الطرفين منذ سنوات.رسالة التصعيد الإيرانية، بحسب ما قدّمها البنتاغون بوصفها «استفزازية وخطيرة»، لم يخرجها وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف، في تعليق مقتضب، من الإطار الدفاعي، متّهماً البحرية الأميركية بمقابلة الدوريات الإيرانية بـ«رد فعل سلبي». وفيما لم تعلّق طهران على الحادثة، اقتصر تعليق ظريف على تسمية بيان البحرية الأميركية للخليج بـ«الخليج العربي»، قائلاً: «الخليج الفارسي يحمل هذا الاسم منذ 2000 عام قبل تأسيس الولايات المتحدة... ماذا يفعلون في محيط بلادنا على بعد 7 آلاف ميل من بلادهم!»، مذكّراً إياهم بتغريدة سابقة له حول تسمية الخليج يقول فيها: «القوة البحرية الأميركية غير قادرة على أن تجد طريقها في مياهنا، ربما لأنهم لا يعرفون اسمها». كما شدّد على حقّ بلاده الطبيعي والمشروع في القيام بدوريات في الخليج.
بومبيو: نعكف على تقييم أفضل طريقة للرد


بيان القوات الأميركية كان قد أشار إلى أن ست سفن عسكرية ومدمّرات كانت تقوم بعمليات تكامل مشتركة مصحوبة بمروحيات «أباتشي» الهجومية في المياه الدولية لشمال الخليج العربي، حين اقتربت منها 11 سفينة تابعة للحرس الثوري لمدة ساعة، قبل أن تغادر، بينها سفينة اقتربت لمسافة عشرة ياردات من السفينة «ماوي» التابعة لخفر السواحل الأميركي. البيان أشار إلى أن السفن الإيرانية تجاهلت إطلاق تحذيرات بأجهزة اللاسلكي وبأبواق السفن، وأضاف: «إن التصرّفات الخطيرة والاستفزازية من جانب البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني زادت خطر حدوث سوء تقدير للوضع والتصادم، وتتنافى مع الاتفاقية الدولية لمنع التصادم في البحار».
وفي ظل عدم نفي إيران رسمياً وقوع الحادثة في المياه الدولية، واقتصار التعليقات الرسمية في طهران على كلام ظريف، برزت رواية مصدر إيراني لقناة «الجزيرة» القطرية، أفاد فيها بأن ما جرى شمال الخليج كان رداً على محاولة مقاتلة أميركية تجاوز المجال الجوي الإيراني قبل أيام وتلقّيها تحذيرات من المضادات الإيرانية، قبل أن تغيّر مسارها.
الحادثة، التي نشرت البحرية الأميركية شريط فيديو يوثّق جانباً منها، لم تحظ بتعليق رسمي واف من البنتاغون والخارجية الأميركية. ومع تلميحه إلى أن بلاده سترد على الحادثة، اكتفى وزير الخارجية مايك بومبيو بالإجابة عن سؤال بشأن الموضوع، بالقول إن وزارته ناقشت الأمر مع البنتاغون و«نعكف على تقييم أفضل طريقة للرد، وأفضل طريقة لتوصيل استيائنا مما حدث».
تجدر الإشارة إلى أن المواجهة البحرية سبقها بيوم إعلان «المنظمة البريطانية لعمليات التجارة البحرية»، التابعة لسلاح البحرية الملكية البريطانية، أن مسلّحين صعدوا على متن سفينة ترفع علم هونغ كونغ، أثناء وجودها قبالة سواحل راس الكوح الإيرانية قرب مضيق هرمز.