تبدّل موقف رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، مراراً إزاء التعامل مع الأزمة الصحية في بلاده. طارحاً استراتيجية السعي للوصول إلى «مناعة القطيع» بدايةً، بدا الرجل متردداً حيال فكرة العزل المُكلِفة اقتصادياً، لكنّه ما لبث أن أقرّ بأن المملكة المتحدة تعيش «أسوأ أزمة صحة عامة منذ جيل»، وصولاً إلى إعلان رغبته، أمس، في تمديد إجراءات العزل، خلافاً لدول القارة التي بدأت الحدّ من تدابير الإغلاق. ولعلّ المنعطف الفاصل بين مواقف جونسون المتبدلة، كان مرضه بـ«كوفيد-19»، وإدخاله العناية المركّزة لثلاثة أيام.مقاربة الحكومة المرتبكة إزاء التعامل مع وباء عالمي، سرعان ما انعكست على الصحة العامة، لتصبح بريطانيا إحدى الدول الأكثر تضرراً في أوروبا من جرّاء الفيروس، بعدما سجلّت ما يزيد على 20 ألف وفاة. كان في الإمكان تجنّب هذا المنحنى، لو قرّرت السلطات اتّخاذ إجراءات أوّلية قبل السادس عشر من آذار/ مارس حين طلبت من المواطنين «تجنُّب» أي تواصل وخروج «غير أساسي»، مشجّعة العمل عن بعد، ليتبع ذلك في العشرين من الشهر ذاته أمرٌ متأخّر بإغلاق المدارس والحانات والمطاعم ودور السينما وقاعات الرياضة. وفي 23 آذار/ مارس، توجّه بوريس جونسون بكلمة إلى البريطانيين، أعلن فيها إجراءات العزل.
وبعودته إلى العمل يوم أمس بعد شفائه من المرض، أشاد جونسون بالتقدُّم المُحرَز في مواجهة «كورونا» من حيث منحنى الإصابات وتجهيزات المستشفيات وتراجع عدد الوفيات، لكنّه دعا البريطانيين إلى التحلّي بالصبر، قائلاً إنه رغم التبعات الاقتصادية والاجتماعية الكُبرى للعزل، فإنه يجب الالتزام به لتجنُّب طفرة جديدة في الإصابات بـ«كوفيد-19». وتابع: «أعلم أن الأمر صعب، وأودّ إعطاء دفع للاقتصاد في أسرع وقت ممكن، لكنني أرفض هدر جهود الشعب البريطاني وتضحياته والمجازفة بموجة جديدة من الإصابات».