يرى جنرالات في البحرية التركية أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا لا يكفي. فلكي تصبح نهائية بالكامل، تحتاج إلى ترسيم تركيا لحدودها البحرية مع دولة ثانية لتأكيد الحدود الأولى. وهذا يعني أن على تركيا ترسيم حدودها مع إسرائيل أو لبنان أو مصر. وإن على هذه الدول، ولا سيما لبنان وإسرائيل، أن ترسم حدودها البحرية مع تركيا وليس مع قبرص اليونانية، لأن في ذلك مكاسب لهما.ظهر في الآونة الأخيرة أكثر من مؤشّر على تقارب في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وبالتالي على إمكانية الدخول في اتفاق مع إسرائيل حول الحدود البحرية وحول التعاون في مجال نقل الغاز الطبيعي عبر تركيا:
الأوّل، إسرائيل لم تشارك في الاجتماع عبر الفيديو الخماسي الشهير في 11 أيّار الجاري بين مصر والإمارات وقبرص اليونانية واليونان وفرنسا. وقد أصدر المجتمعون، الذين وصفتهم أنقرة بـ«محور الشر»، بياناً ندّد بتركيا بسبب تنقيبها عن الغاز في المنطقة البحرية الخالصة لقبرص اليونانية، وبسبب انتهاكها المجال الجوي اليوناني، وبسبب الموقف التركي في ليبيا. وبالتالي فإن إسرائيل لم تشارك، وبذلك لم تكن طرفاً في البيان الختامي.
الثاني، تغريدة على «تويتر» في موقع إسرائيل الرسمي، بمناسبة تأسيس إسرائيل، وفيها أن تل أبيب تفتخر بعلاقاتها الديبلوماسية مع تركيا، وتمنٍ بتعزيز العلاقات في المستقبل.
وقد تبادل الطرفان، التركي والإسرائيلي، غزلاً واضحاً، حيث إن إسرائيل أبدت استعدادها للتفاوض مع تركيا لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، خصوصاً أن هناك خلافات بين إسرائيل وقبرص التركية حول حدود المنطقة الخالصة بينهما في حقل «أفروديت» الإسرائيلي المتعدّي على المنطقة القبرصية اليونانية.
تصدير الغاز الإسرائيلي عبر تركيا يبقى الأقل تكلفة على إسرائيل، وذلك عبر خط أنابيب من الساحل الإسرائيلي إلى ميناء جيحان التركي، ومنه عبر أكثر من خط غاز يعبر تركيا إلى أوروبا. كذلك يعمل العديد من أصحاب شركات النفط في تركيا، وعلى رأسهم باطوم آقصوي، على تشجيع الحكومة التركية على نقل الغاز الإسرائيلي عبر تركيا إلى أوروبا، والذي يمكن أن يقلّل أيضاً من ارتهان تركيا لدول محدّدة، في حاجاتها من الغاز من الخارج، حيث تستورد 15 في المئة من حاجاتها إلى الغاز من إيران و55 في المئة من روسيا، خصوصاً أن خط الغاز المقترح مدّه من حقول إسرائيل ومن شرق المتوسط إلى قبرص فاليونان فإيطاليا، والبالغ طوله ألفي كلم، والمعروف باسم «إيست ميد»، كلفته عالية جداً، وقد لا يبصر النور، رغم أنه تمّ التوقيع عليه بين دول «منتدى غاز شرق المتوسط».
في المقابل، كانت تركيا ترسل إشارات إيجابية إلى إسرائيل. صباح الأحد الماضي، وللمرّة الأولى منذ 13 عاماً، حطّت في مطار إسطنبول أوّل طائرة نقل تابعة لشركة «العال» الإسرائيلية في مطار إسطنبول، ناقلة من تركيا شحنة مستلزمات طبّية مخصّصة للولايات المتحدة عبر إسرائيل لمواجهة جائحة «كورونا». ووفقاً لما نقلته صحيفة «شالوم» التركية التابعة للطائفة اليهودية في تركيا، والتي تصدر باللغة التركية، قال مدير قسم الشحن في شركة «العال»، رونين شابيرا، إن الطائرة مخصّصة للشحن ولا تحمل مسافرين، مع الأمل بأن يحدث ذلك في أقرب وقت. وقد وقف شابيرا أمام الطائرة والشحنة الطبّية وخلفهما العلمان التركي والإسرائيلي. وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين، قد أعلن قبل ذلك أنه بناءً على طلب إسرائيل، سترسل تركيا مساعدات إلى إسرائيل، كما سترسل مساعدات إلى فلسطين. ويذكر موقع السفارة الإسرائيلية في أنقرة أن الطائرات التركية والإسرائيلية ستكثّف تعاونها في المرحلة المقبلة على الصعيد التجاري. مع الإشارة هنا إلى أن القسم الأعظم من المسافرين الإسرائيليين إلى أوروبا، قبل وقوع أزمة «كورونا»، كانوا يسافرون عبر مطار إسطنبول.
وحافظت العلاقات التجارية بين البلدين في العام 2019 على وتيرتها التي كانت في العام 2018. فقد بلغ حجم التجارة بينهما في العام 2019 ستة مليارات و64 مليوناً و36 ألف دولار، بزيادة 40 مليون دولار عن 2018. لكن الصادرات التركية إلى إسرائيل بلغت في العام 2019 رقماً قياسياً، إذ وصلت إلى 4 مليارات و463 مليوناً و831 ألف دولار، وشكّلت إسرائيل المرتبة التاسعة للصادرات التركية، وذلك بزيادة 441 مليوناً و41 مليون دولار عن العام 2018، متقدّمة حتى على روسيا، الشريك التجاري الكبير لتركيا، والتي جاءت في المرتبة العاشرة. أما واردات تركيا من إسرائيل في العام 2019، فقد بلغت ملياراً و 600 مليون و205 آلاف دولار، بتراجع حوالى 400 مليون دولار عن العام 2018، في وقت لم يكن فيه حجم العلاقات التجارية مع وصول حزب «العدالة والتنمية» يتجاوز ملياراً ونصف مليار دولار.