يبدو أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، توصّل إلى اقتناع مفاده أن إسقاط النظام في فنزويلا لم يعد ممكناً بالطرق التقليدية المعمول بها لدى إدارته. ضغوط العقوبات الاقتصادية، مضافاً إليها المساعي إلى تعويم المعارضة الفنزويلية برئاسة خوان غوايدو، وتأليب الجيش للانقلاب على الرئيس نيكولاس مادورو، كلها لم تفلح. وتمثّلت آخر المحاولات في غزوة بحرية فاشلة انتهت إلى اعتقال مرتزقة أرسلوا للسيطرة على كاراكاس! تراكُم الفشل الأميركي في هذا الملف دفع ترامب إلى إطلاق إشارة استعداده للقاء مادورو، وهي إشارةٌ تلقّفها الأخير بالإيجاب، وإن كان المرسل قد وضعها في إطار إقناع نظيره الفنزويلي بالتخلِّي عن السلطة.ليست هذه المبادرة الأولى التي يطرحها ترامب، إذ سبق له، عام 2018، أن أبدى استعداداً للقاء مادورو الذي قام بدوره بمبادرات لإجراء محادثات، لكن شيئاً لم يتحقّق في هذا الإطار، ولا سيّما أن واشنطن صعّدت ضغوطها ضدّ كاراكاس، وتوّجتها بداية العام الماضي بالاعتراف بغوايدو رئيساً موقتاً. في مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الفنزويلية، وبثّها التلفزيون الرسمي، أبدى مادورو استعداده للتباحث مع ترامب، بعدما طرح الأخير الفكرة في مقابلة مع موقع «أكسيوس» الإخباري، الأحد الماضي، حين قال ردّاً على سؤال عن احتمالات لقاء من هذا النوع: «يمكن أن أفكّر في ذلك، مادورو يرغب في أن نلتقي. لم أعارض أبداً اللقاءات، كما تعلمون لم أعارض عقد لقاءات إلا نادراً»، مضيفاً: «لقد قلت على الدوام: لا نخسر كثيراً من عقد لقاءات، لكن حتى الآن رفضت ذلك». إلا أنّ ترامب سارع إلى «تويتر» لتوضيح موقفه، وكتب في تغريدة، أول من أمس، «سألتقي مادورو فقط لمناقشة شيء واحد: خروج سلمي من السلطة!». في المقابل، لم يأتِ الرئيس الفنزويلي في مقابلته على ذكر ما جاء في تغريدة ترامب، واكتفى بالقول: «مثلما تحدّثت إلى (جو) بايدن، يمكنني التحدّث إلى ترامب»، في إشارة إلى الاجتماع الذي عقده عام 2015 مع نائب الرئيس الأميركي آنذاك.
يتزايد إحباط الإدارة الأميركية بشأن إخفاقها في إطاحة مادورو


يمثِّل العرض الأميركي الأخير أوضح إشارة حتى الآن إلى ما وصفه مسؤولون أميركيون في أحاديث خاصة بالإحباط المتزايد في شأن إخفاق إدارة ترامب في إطاحة مادورو عن طريق العقوبات والدبلوماسية. في الوقت نفسه، يبدو الرئيس الأميركي في صدد مراجعة خياراته السابقة، بعدما لمّح إلى أنه «لا يثق كثيراً بغوايدو»، وإلى أن الاعتراف به رئيساً «لم يترك أثراً كبيراً». يتساوق ذلك مع ما أورده المستشار السابق للأمن القومي، جون بولتون، في كتابه الجديد، حين تحدّث عن تشكيك الرئيس الحالي في إمكان إسقاط مادورو، الذي يحظى بدعم الجيش، واستعجاله في اعتبار المعارضة مهزومة بسبب موقف جنرالات الجيش المساند للرئيس: «هذا الصبي، غوايدو، لم يسمع به أحد قبل اليوم».