واجه حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هزيمة، أمس، في الانتخابات المحلية، في حين وصل حزب «الخضر» إلى السلطة في عدّة مدن كبيرة. وفيما لم يفز حزب «الجمهورية إلى الأمام» الحاكم في أي من المدن الكبرى، فاز رئيس الوزراء إدوار فيليب، الذي لم يتقدّم للانتخابات تحت لافتة الحزب، في مدينة لو هافر الساحلية الواقعة شمال البلاد. وقد يؤدي ذلك إلى تعديل حكومي، على الرغم من أنّ الدستور الفرنسي يسمح لفيليب بتعيين شخص آخر للعمل كرئيس بلدية، في الوقت الذي يبقي فيه هو رئيساً للوزراء. وفي هذا السياق، أفاد مسؤول في الرئاسة بأنّ ماكرون هنّأ فيليب على «فوزه الجميل». وقال المسؤول في الإليزيه، إن الاثنين سيلتقيان وجهاً لوجه صباح غد، في اجتماع ثنائي.ولكن بخلاف ذلك، أسفرت الانتخابات، التي أدى فيروس «كورونا» إلى تأجيلها ثلاثة أشهر ونصف شهر من الدورة الأولى، عن نتيجة قاسية بالنسبة إلى الرئيس الذي قد يخرج من الانتخابات، من دون تحقيق فوزٍ بارز، وذلك قبل عامين من خوض انتخابات للفوز بفترة جديدة.
فبين بداية العطلة الصيفية والمخاوف المستمرّة بشأن الوضع الصحّي والحملة الانتخابية الضعيفة في وسائل الإعلام، بلغت نسبة عدم مشاركة الناخبين مستوى غير مسبوق ناهز 60 في المئة. وبعيد إعلان النتائج الأولية، قال الرئيس إيمانويل ماكرون إنه «قلق لمعدل المشاركة الضعيف». يأتي ذلك فيما أُعيد انتخاب رئيسة بلدية باريس الاشتراكية آن هيدالغو، بأكثر من 50 في المئة من الأصوات وفق التقديرات الأولى، متقدّمة على مرشحة اليمين رشيدة داتي، فيما حلّت مرشحة الحزب الحاكم أنييس بوزين ثالثة. ويبدو «الخضر» في وضع جيّد في عدّة مدن كبرى، على غرار ليون ومرسيليا، حيث أكدوا تحقيقهم نتائج جيدة بناءً على التقديرات الأولية. بناءً على ذلك، قد يطيح ستيفان بالي رئيسة بلدية ليل (شمال) الاشتراكية مارتين أوبري، التي تتولّى المنصب منذ وقت طويل. ولا يُستبعد، أيضاً، فوز «الخضر» في مدينتي بواتييه (وسط) وبيزنسون (شرق) المتوسطتي الحجم. من ناحية أخرى، فاز اليمين المتشدّد في الانتخابات في بيربينان، وهي مدينة كتالونية يقطنها 100 ألف ساكن، مع انتصار لويس أليو النائب السابق لمارين لوبن.
شهدت الأسابيع الأخيرة انشقاقات لنواب من «الجمهورية إلى الأمام»


بناءً عليه، يبرز تساؤل الآن حول أثر نتائج الانتخابات على توجّه إيمانويل ماكرون في العامين الأخيرين من ولايته. فهل سيتعامل مع «الخضر»؟ هل سيبقي رئيس الوزراء الذي انتصر في لوهافر؟ يملك الرئيس الفرنسي، الذي يُجري مشاوراته ولكنّه لا يكشف عن نياته، وحده مفاتيح تعديل وزاري محتمل. وكان ماكرون قد لمّح إلى أنّ أزمة فيروس «كورونا» المستجد ستغيّر الأوضاع بشدة. لذا، يجب أن يجد توازناً هشّاً بين رغبة الجناح اليساري في حزبه في تبنّي توجّه بيئي، من دون أن يتخلّى عن الخيارات الليبرالية التي طبعت بداية ولايته.
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ الأسابيع الأخيرة شهدت عدّة انشقاقات لنواب من حزب «الجمهورية إلى الأمام»، أدّت إلى خسارته الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية. وينوي ماكرون الذي من المحتمل أن يكون حريصاً على التخلّص من عبء هذه الانتخابات المرهقة، في أسرع وقت ممكن، إلقاء كلمة في 29 حزيران/ يونيو. ومن هذا المنطلق، من المتوقع أن يقدّم ردّه الأوّل على التوصيات التي قدّمها «مؤتمر المواطنين بشأن البيئة»، وهي جمعية مؤلّفة من 150 مواطناً تمّ تنظيمها في إطار الديموقراطية التشاركية في البلاد. واتخذت عدّة تدابير وقائية في الدورة الثانية، بعدما نظّمت الدورة الأولى في خضم انتشار فيروس «كورونا» في البلاد.
(رويترز، أ ف ب)