«بعد فحص جميع الأدلة في هذه القضية، أجد أن الادّعاء دعم ملفّه بنجاح دون أيّ شكّ منطقي»، بهذه الخلاصة، بدأ عملياً طيّ صفحة رئيس الوزراء الماليزي السابق، نجيب عبد الرزاق، الذي أدين في ما يُعدُّ سابقة في تاريخ البلاد بجميع تهم الفساد الموجّهة إليه في فضيحة مالية بمليارات الدولارات، مرتبطة بالصندوق السيادي «1 برهاد ماليزيا للتنمية»، أو «1 إم دي بي». تحوم التهم حول نجيب منذ ما يزيد على خمس سنوات، لكن التحقيقات لم تفتح إلّا بعد هزيمته في انتخابات 2018، التي جاءت بمهاتير محمد رئيساً للوزراء. لكنّ القضية، التي تُعدُّ اختباراً لجهود البلاد في القضاء على الفساد، ستكون لها تداعيات كبيرة على الساحة السياسية في كوالالمبور، في حال قرّر حزب نجيب، الذي استعاد السلطة في آذار/ مارس الماضي بعد سقوط ائتلاف مهاتير، سحب دعمه للائتلاف الحاكم، وهو الأمر الذي سيؤدّي إلى انتخابات جديدة.بأمر من قاضي المحكمة العليا، محمد نزلان محمد غزالي، حُكم على نجيب (67 عاماً) بالسجن 12 عاماً، وبدفع غرامة 49.4 مليون دولار، بعد إدانته بسبع تهم تتعلّق بإساءة استخدام السلطة وسوء الأمانة وغسيل الأموال. جرت المحاكمة الأولى أمام محكمة كوالالمبور العليا واستغرقت 16 شهراً، وتعلَّقت بتحويل 42 مليون رينغيت (حوالى عشرة ملايين دولار) مِن وحدة «إس آر سي إنترناشونال»، التي كانت تابعة لـ« 1إم دي بي»، إلى حسابات نجيب المصرفية. والملايين العشرة الخاصة بقضية الوحدة ما هي إلّا نذرٌ يسير من الأموال اتّهم نجيب بالحصول عليها بشكل غير قانوني مِن الصندوق الحكومي (2,28 مليار رينغيت، أو 535 مليون دولار). ودفع محامو‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬نجيب بأنه تعرّض للتضليل من رجل الأعمال الماليزي جو لو، وغيره من المسؤولين في الصندوق على نحو جعله يظنّ أن الأموال التي تدخل حساباته الشخصية هبات من آل سعود، وليست مختلسة من وحدة «إس آر سي»، فيما يؤكد القاضي غزالي أن احتمال تعرّض المُدان للتضليل «بعيد جداً».
أكثر من مليار دولار من أموال «السيادي» وصلت إلى حسابات نجيب


يفيد الادعاء بأن أكثر من مليار دولار من أموال الصندوق وصلت إلى حسابات نجيب الشخصية، ويواجه في شأنها إجمالاً 42 اتهاماً جنائياً. على هذه الخلفية، أطلقت وزارة العدل الأميركية، التي وصفت الفضيحة بأنها «أسوأ أشكال الفساد الحكومي»، التحقيق الخاص بها بعد الاشتباه بأنه تمّ غسل الأموال العامة الماليزية عبر المنظومة المالية في الولايات المتحدة، معتبرة أنه تمّت سرقة أكثر من 4,5 مليارات دولار من «1 إم دي بي»، على يد مسؤولين كبار في الصندوق، ومقرّبين منهم. واستُخدمت أموال المسروقات في أرجاء مختلفة من العالم لشراء قطع فنية ويخت فاخر وتمويل فيلم «وولف أوف وول ستريت». كما أفاد الادّعاء بأن 27 مليون دولار صُرفت على عقد من الألماس الوردي لزوجة نجيب، روسمة منصور، وبعض الأموال ذهبت إلى تمويل حملات الرجل الانتخابية. كذلك، اتهمت ماليزيا مصرف «غولدمان ساكس» وعدداً من مسؤوليه بمساعدتهم في إصدار سندات بقيمة 6,5 مليارات دولار من صندوق الدولة السيادي، لكنّها أبرمت، الأسبوع الماضي، اتفاقاً مع المصرف حصلت بموجبه على 3,9 مليارات لإسقاط الدعاوى القضائية ضدّ عملاق وول ستريت.