استأنف مفاوضو الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أمس، مباحثات «بريكست»، بعد تحذيرات من أن تغييرات في التشريعات المحلّية تخاطر في إفشال العملية، وتُهدّد السلام في إيرلندا الشمالية، بل وحتى فرص التوصّل إلى اتفاق تجاري بريطاني - أميركي مرتقب. وخيّمت تلك التحذيرات على أجواء استئناف المفاوضات بعدما غادرت بريطانيا التكتّل بداية العام الحالي، ولا سيّما أن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أثار غضب الاتحاد الأوروبي بالإصرار على أن هناك خطراً «غير متوقع» يتمثّل في ترك إيرلندا الشمالية معزولة عن بقية المملكة المتحدة. وفي هذا الإطار، تعتزم حكومته، اليوم، تقديم تغييرات «محدودة» لتشريع محلّي، من شأنه أن يلغي النطاق القانوني لبعض أجزاء الاتفاق الذي حَدّد الخروج من التكتّل في 31 كانون الثاني/ يناير، بما في ذلك القواعد الجمركية في إيرلندا الشمالية. وبينما أقرّت الحكومة بأنها قد تنتهك القانون الدولي بعدم تطبيقها أجزاءً من اتفاق «بريكست» في شأن إيرلندا الشمالية، أعلن رئيس الدائرة القانونية التابعة لها، جوناثان جونس، استقالته من منصبه بسبب اعتزامها إجراء تعديلات قانونية. وذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» أن جونس «مستاء للغاية» في شأن قرار إعادة كتابة بروتوكول إيرلندا الشمالية، والذي هو جزء حيوي من اتفاق «بريكست» الهادف إلى تجنّب العودة إلى عقود من الاضطرابات التي تسبّب فيها الحكم البريطاني في المقاطعة. ورفض المتحدث باسم جونسون الكشف عمّا إذا كان المحامي قد رفض التوقيع على التعديل المرتقب. وقال للصحافيين: «نحن ملتزمون تماماً بتنفيذ اتفاق الانسحاب وبروتوكول إيرلندا الشمالية»، لكنّه شدّد على أنه «لا يمكننا السماح بتدابير ضارّة» بحق إيرلندا الشمالية، إذا فشلت لندن وبروكسل في التفاوض على اتفاق هذا العام. وفي حين أوضحت السلطات البريطانية أن التعديلات إنما هي تقنية لضمان مرور سلس للبضائع المتّجهة من إيرلندا الشمالية وإليها بعد 1 كانون الثاني/ يناير، أشار وزير إيرلندا الشمالية، براندون لويس، إلى أن هناك «سوابق واضحة» لمثل هذه الخطوة مع تغيّر الظروف.
أعلن مستشار قانوني كبير استقالته بسبب اعتزام الحكومة إجراء تعديلات قانونية

لكن ادّعاء الحكومة أنها وجدت للتوّ مشاكل في البروتوكول لم يمرّ على الأحزاب السياسية المعارضة، والتي انتهز ممثلوها استقالة جونس لتوجيه اتهامات جديدة بعدم الكفاءة إلى جونسون. وقال رئيس الوزراء الإيرلندي، مايكل مارتن، إنه «قلق في شأن تأخّر» تغييرات لندن المقترحة على بروتوكول إيرلندا الشمالية، وهو بند أساسي في اتفاق الطلاق. وقال لصحيفة «آيرش إكزامينر» إن «اتفاق الانسحاب بمثابة معاهدة دولية، ونتوقع من حكومة المملكة المتحدة تنفيذها والتزام ما تمّ الاتفاق عليه». وأضاف: «نحن على ثقة بأنهم سيفعلون ذلك، وإلا فسيجعلون عملية المحادثات باطلة ولا طائل منها». واستبعد مارتن عودة الحدود المادية بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، وهو جزء رئيس من "اتفاقية الجمعة العظيمة" لعام 1998، والتي أنهت 30 عاماً من العنف المرتبط برفض الحكم البريطاني في المقاطعة. وشدّد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف "بريكست"، ميشال بارنييه، من جهته، على «وجوب احترام كلّ ما تمّ التوقيع عليه».
وعلى رغم تأكيد جونسون أن بريطانيا ستتعامل مع الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الخروج من فترة انتقالية في نهاية العام إذا لم يتمّ التوصل إلى اتفاق، إلا أن مجرّد تداول الاحتمال تسبّب في تراجع الجنيه الإسترليني في أسواق العملات، وجَعَل الشركات البريطانية أكثر قلقاً.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا