أعلنت شركة «آسترازينيكا» للصناعات الدوائية، يوم الثلاثاء الماضي، أنها قرّرت، طواعيةً، تعليق المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي تجريها حول العالم، والتي تشمل 30 ألف شخص، على اللقاح التجريبي الخاص بها ضدّ مرض «كوفيد-19»، والذي طوّرته شريكتها جامعة أوكسفورد. وجاء هذا القرار بعد إصابة أحد المشاركين في هذه التجارب بـ«مرض لم يُفسَّر» إلى الآن. وفيما ذكر موقع «ستات نيوز» المتخصّص أن التجارب عُلّقت «للاشتباه بعارض جانبي خطير لدى مشارك في بريطانيا»، تحدّث ديفيد لو، وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، لوكالة «فرانس برس»، عن أن «عوارض أخرى جانبية سُجّلت كالحمى والآلام (...) بالتالي قد يكون الأمر أكثر خطورة».من غير الواضح ما الذي حصل للمتطوّع البريطاني وما هو مرضه حتى الساعة؛ إذ إن المعلومات عن ذلك شحيحة، مع الإشارة إلى أن التجارب على لقاح «آسترازينيكا» داخل بريطانيا هي في المرحلة الثانية من أصل ثلاث، بينما في باقي الدول مثل المكسيك والهند والولايات المتحدة الأميركية أصبحت في المرحلة الثالثة. لكن، برزت معلومة بالغة الأهمية في تقرير نشرته مجلة «نيتشر» العلمية أمس، وتقاطعت مع ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس، حيث كشفت «نيتشر» أن هذه ليست المرة الأولى التي يُعلَّق فيها لقاح شركة «آسترازينيكا».
هذه ليست المرة الأولى التي يُعلّق فيها لقاح شركة «آسترازينيكا»

وبحسب التقرير، أصيب أحد المشاركين سابقاً بأعراض التهاب النخاع المستعرض (Transverse Myelitis)، وهو التهاب في النخاع الشوكي غالباً ما ينجم عن عدوى فيروسية، وفقاً لورقة المعلومات المُقدَّمة للمشاركين في التجربة بتاريخ 12 تموز/ يوليو من العام الحالي. وبعد مراجعة معايير السلامة، استؤنفت التجارب على اللقاح، وتمّ تشخيص إصابة الفرد المذكور بـ «مرض عصبي» لا علاقة له باللقاح، علما أن كلّ الذين شاركوا في التجارب السريرية كانوا في حالة صحية ممتازة، بعدما قَبلوا طواعيةً بأن تتمّ تجربة اللقاح على أجسادهم. أمّا ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» هو التالي: «قال شخص مطّلع على الموقف (أي حالة المريض البريطاني)، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، إن المتطوع قد تمّ تسجيله في تجربة المرحلة 2/3 ومقرّها في المملكة المتحدة». وأضاف أنه «تمّ العثور على متطوّع في تجربة المملكة المتحدة مصاب بالتهاب النخاع المستعرض (Transverse Myelitis). ومع ذلك، فإن توقيت هذا التشخيص، وما إذا كان مرتبطاً بشكل مباشر بلقاح «آسترازينيكا»، غير واضح». إذا صَحّ ما نشرته «نيويورك تايمز»، فهذا يعني أننا أمام لقاح تَعرّض اثنان مِمّن حُقنوا به للمرض نفسه، الأمر الذي سيطرح مزيداً من الشكوك والأسئلة في الأيام المقبلة.
اللقاح البريطاني هُلّل له إعلامياً من قِبَل الغرب ومن قِبَل أفراد يعملون في الحقل الطبي بشكل غير مسبوق، وباعت «آسترازينيكا» مسبقاً مئات ملايين الجرعات لعدة دول في العالم أكثر من أيٍّ من منافساتها بحسب وكالة «فرانس برس». وهو مصنوع بطريقة مشابهة للقاحَين الروسي والصيني، إلا أنه يختلف عنهما في أمر جوهري. تقوم فكرة لقاح «آسترازينيكا» على الإتيان بفيروس اسمه «Adenovirus» (أعراضه شبيهة بالإنفلونزا)، ومن ثمّ تعطيله ووضع برمجة جينية داخله تجعله يبدو كفيروس كورونا ولكن من دون أيٍّ من العوارض. بعدها، يُعطَى جسمُ الإنسان، الفيروس الهجين، عبر اللقاح، ليبدأ الجسم تطوير مناعة ضدّ «كورونا». الفارق، هنا، أن روسيا والصين اعتمدتا فيروس «Adenovirus» الذي يصاب به البشر، بينما بريطانيا اعتمدت فيروس «Adenovirus» الذي يصاب به حيوان الشمبانزي، وهو ما لا تأكيد لكونه بالفعل موطِن الخلل في اللقاح البريطاني (إذا لم يكن ما حصل للمريض البريطاني مجرّد صدفة، وفق افتراضات شبكة «سي أن أن» خلال تغطيتها يوم أمس).
إلى ذلك، لفتت «آسترازينيكا»، في بيانها، إلى أن تعليق التجارب السريرية هو «إجراء روتيني مطلوب بمجرّد ظهور مرض محتمل غير مبرّر في إحدى التجارب، بهدف ضمان نزاهتها». لكن أموال المساهمين لم ترحم الشركة البريطانية، إذ انخفضت قيمة أسهمها بنسبة 1.32٪، بينما تراجعت بنسبة 6٪ في نيويورك خلال تعاملات ما بعد الإغلاق يوم الثلاثاء.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا