إذا كان جو بايدن أو دونالد ترامب الفائز، من المحتمل أن يعتقد ملايين الأميركيين أن مرشّحهم قد تعرّض للسلب. في الأوقات العادية، قد يبدو من الغريب القلق من أن رئيساً أميركياً قد يرفض الاعتراف بالهزيمة عند خسارته محاولته لإعادة انتخابه. هذه السنة، الأمر ليس كذلك. على الرغم من فوزه عام 2016، ادّعى ترامب أنه كان ضحية لتزوير الناخبين. وعندما جلس مع كريس والاس لإجراء مقابلة على قناة «فوكس نيوز»، قال: «أظنّ أن التصويت عبر البريد سيؤدّي إلى تزوير الانتخابات. أظنّ ذلك فعلاً». بدا والاس منزعجاً، وسأل عمّا إذا كان ترامب سيقبل نتيجة الانتخابات في حال خسر. «لن أقول نعم فقط. لن أقول لا. وأنا لم أفعل ذلك في المرة السابقة أيضاً»، أجاب ترامب.
أثار احتمال أن يخسر ترامب وأن يحاول البقاء في منصبه مخاوف المحلّلين. والسؤال الذي يدور في أذهانهم، هو: كم من الأميركيين سيوافقون على مثل هذا الهجوم السافر على المؤسّسات الديموقراطية؟ استطلاع جديد صادر عن «مركز الحملة القانوني وحماية الديموقراطية» يعطي إجابة أوليّة. قالت أغلبية واضحة من الأميركيين، بما في ذلك ستة من كلّ عشرة جمهوريين، إنهم واثقون من أن «أصوات الرئيس في تشرين الثاني/ نوفمبر ستُحسب بشكل عادل ودقيق وآمن». لكن، يبدو أن الثقة في الانتخابات مشروطة بنتائجها. واحد فقط من ثلاثة أميركيين ينوون التصويت لترامب قال إنه في حال أُعلن فوز بايدن، سيكون ذلك «بسبب حصوله على أصوات أكثر من دونالد ترامب». أكثر من اثنين من كلّ خمسة قالوا إن ذلك سيكون «لأن أنظمة التصويت مزوّرة، وقد ارتُكب تزويرٌ للناخبين».
أكثر ما أدهشني في الاستطلاع هو أن العديد من مؤيّدي بايدن قالوا أيضاً إنهم سيشكّون في صحة الانتخابات إذا لم تُعجبهم النتيجة. واحد فقط من كلّ خمسة مناصرين لبايدن قالوا إن فوز ترامب قد يكون لأنه حصل على أصوات أكثر من بايدن؛ وحوالى اثنين من كلّ ثلاثة قالوا إنه قد يكون بسبب «قمع الناخبين والتدخّل الأجنبي».
تكمن وراء كلّ هذا الشك حقيقة أن نظام التصويت الأميركي مشوب، فعلاً، بعقبات أمام المشاركة، بما في ذلك الطوابير الطويلة (خصوصاً في أحياء الأقليات) وعبثية إجراء الانتخابات في يوم عمل. وقد أضافت الجائحة طبقة أخرى من الصعوبة، ذلك أن الناخبين حذرون من المشاركة الشخصية. الملايين سيصوّتون عبر البريد للمرة الأولى؛ قد تضيع بعض بطاقات الاقتراع أثناء نقلها، أو قد تصل متأخرة جدّاً ليتمّ تعدادها، أو ربّما تُستبعد لأنها لا تفي بالمتطلّبات الرسمية. التدخل الخارجي المحتمل يمثّل أيضاً سبباً آخر للقلق.
بناءً على هذا الواقع، كيف يمكن للأميركيين معرفة ما إذا كانت النتيجة حرّة وعادلة؟ (...) طرحتُ هذا السؤال على عدد من كبار خبراء الانتخابات وعلماء السياسة في البلاد. لم يتمكّنوا من تقديم قائمة تحقُّق بسيطة، ولكن قدّموا بعض النصائح. فوق كلّ شيء، حثّوا الناخبين على توخّي الحذر من الكيفية التي قد يحاول بها السياسيون زرع البلبلة. وفقاً لتريفور بوتر، رئيس «المركز القانوني للحملة» والرئيس السابق للجنة الانتخابات الفيدرالية، من المرجّح أن يستخدم الديموقراطيون بطاقات الاقتراع بالبريد، وبطاقات الاقتراع الغيابي، بعدد أكبر بكثير من الجمهوريين. نتيجة لذلك، قد تنحرف الأصوات التي يتمّ احتسابها ليلة الانتخابات، لصالح ترامب، على الرغم من أن الأخير يتّجه نحو الهزيمة. بناءً على هذا السيناريو، حذّر بوتر من أن «من المحتمل أن يجادل ترامب بأن الاقتراع الغيابي مزوّر، وأن الانتخابات مسروقة». تجاهلوه. كذلك، نصحوا الناخبين بالتمييز بين الأشكال العادية للخلل في الانتخابات، والهجوم الاستثنائي. (...).
بغضّ النظر عمّن سيفوز في الانتخابات، من المرجّح أن يشكّ ملايين الأميركيين في أن نتيجتها عادلة. بعد أقلّ من شهرين من الآن، قد تواجه الديموقراطية الأميركية أحد أكبر الاختبارات لشرعيّتها في الذاكرة الحيّة. (...).
تقويض ثقة الجمهور في الانتخابات الأميركية أمرٌ سهل. تزويرها لصالح مرشّح معيّن أصعب بكثير.

(ياشا مونك/ «ذي أتلانتك»)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا