مع دخول السباق الرئاسي في الولايات المتحدة مراحله الأخيرة، قبل تتويج الفائز بالمرتبة الأولى للدخول إلى البيت الأبيض، تتّجه أنظار المراقبين إلى أغنياء أميركا، حيث تجهد وسائل الإعلام في رصد مواقفهم وتصريحاتهم، أو حتى تلقّف إشارة تصدر عنهم، قد يُفهم منها أنها تصبّ في صالح الرئيس الحالي دونالد ترامب، أو منافسه الديموقراطي جو بايدن. قد يُظنّ، هنا، أن هناك سباقاً محموماً بين ترامب وبايدن للحصول على دعم هؤلاء، غير أن واقع الحال يبدو ضبابياً، بحسب موقع "VOX"، الذي أشار إلى أن أياً من أغنى 10 أشخاص في الولايات المتحدة - غالبيتهم من العاملين في مجال التكنولوجيا - لم يشارك إلى الآن في إبداء رأيه في شأن مَن سيختار رئيساً مقبلاً. في السنوات الأخيرة، تزايد العداء العامّ تجاه أصحاب الثراء الفاحش، ولا سيما أصحاب الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا، ما جعل هؤلاء، في أحيان كثيرة، عبئاً على المرشّحين. وهذه الأيام، يبدو أصحاب المليارات، أكثر فأكثر، محطّ أنظار، في ظلّ محاربتهم اتّهامات بالاحتكار، وأخرى غير مثبّتة بـ«التحيّز السياسي». وإذا كان من مبرّر لعدم اندفاعهم لدعم أيّ من المرشّحَين، فهو أن ذلك يساعدهم في دحض الاتّهامات من جهة، والحفاظ على صورة أكثر تجرّداً وسط الجوّ السياسي المشحون الذي تعيشه البلاد من جهة أخرى، ويَقيهم انتقام ترامب في حال فاز بولاية ثانية من جهة ثالثة.
في السنوات الأخيرة تزايد العداء العام تجاه أصحاب الثراء الفاحش


إلا أن ذلك لم يمنع توحّد العديد من قادة التكنولوجيا حول نائب الرئيس السابق، جو بايدن، بل إن بعض هؤلاء، مثل ريد هوفمان وإريك شميدت ولورين باول جوبز، يستثمرون أموالهم وطاقتهم لإطاحة ترامب. أما أصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا، والذين باتوا أكثر ثراءً خلال عهد ترامب، فقد ارتأوا تصنيف أنفسهم كقادة تقدُّميين، يتّخذون مواقف مبدئية عندما يتطلّب الأمر ذلك، مثلما حصل عندما انسحب الرئيس الأميركي من "اتفاقية باريس للمناخ". بالنسبة إلى هؤلاء وغيرهم، قد يتلخّص الأمر في مآرب سياسية، أو ربما انتقامية. مثلاً، قد يبدو جيف بيزوس، مؤسّس شركة «أمازون» الذي يعدّ أغنى شخص في العالم، أكثر ميلاً لتقديم تبرّعات لمرشّحين سياسيين معارضين لترامب، ولا سيما أنه اشتبك مع هذا الأخير أكثر من مرة، انطلاقاً من واقع أنه المالك لصحيفة «ذي واشنطن بوست». هذا فضلاً عن أن «أمازون» تُوجِّه إلى الرئيس أصابع الاتهام بالعمل على التخلّص من بيزوس، جنباً إلى جنب مع جريدته وشركته الضخمة؛ إذ كشف تقرير نشره موظّف تابع لوزير الدفاع السابق، جيم ماتيس، أن ترامب أعرب عن رغبته في «إفساد أمازون»، حتى إنه كان قد أعلن، خلال حملته الانتخابية السابقة، أن الشركة «ستواجه مشاكل» عندما يصبح رئيساً. ولكن، بالرغم من هذا العداء الذي تصفه صحيفة «ذا نيويورك تايمز» بـ«الملحمة»، لم يعلن بيزوس موقفاً واضحاً من بايدن أو غيره.
عملياً، يمكن للجهود التي اتّخذها قادة التكنولوجيا لتصوير شركاتهم على أنها محايدة سياسياً أن تُعرّضهم للخطر، ولغضب ترامب، إذ كثيراً ما يتّهم هذا الأخير، وحلفاؤه، تلك الشركات بالتحيّز ضدّ المحافظين. مؤسّس شركة «مايكروسوفت»، بيل غيتس، الذي يعدّ ثاني أغنى أميركي، مثلاً، كان شديد النقد لكيفية تعامل ترامب مع انتشار وباء «كوفيد - 19». ولكنه رفض، هو وزوجته، إبداء تأييد لبايدن، بسبب رغبتهما في البقاء على الحياد، على اعتبار أن لديهما سياسة عدم إصدار موافقات على أيّ مرشّح.
على خطّ موازٍ، نادراً ما يدلي مؤسِّسا «غوغل»، لاري بايج وسيرغي برين - اللذان يحتلّان المرتبة الثامنة والتاسعة بين أغنياء الولايات المتحدة - بتصريحات علنية، وذلك على الرغم من أن برين قدّم بعض التبرّعات لمجموعات (ديموقراطية) "تقدّمية"، حتى إنه احتجّ على قانون منع الهجرة الذي فرضته إدارة ترامب، فضلاً عن أن زوجته قدّمت تبرّعاً صغيراً لبايدن هذا الصيف.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا