منذ مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأميركية، وما أعقب ذلك من اندلاع اضطرابات غَلَب عليها الطابع العرقي، في بلدٍ لم يُشفَ بعد من عنصريّته المؤسِّسة، التي وإن غابت من النصوص موارَبةً، فهي حيّة بالممارسة، ما فتئت ملامح الاقتتال الأهلي تُطلّ برأسها، في عهدِ رئيس "ينمّق"، بشكل يوميّ وعلى مدار الساعة، خطاب كراهية سيبقى حيّاً من بعده، بافتراض أن يخسر الجولة المقبلة. وإن كان احتمال خسارة دونالد ترامب أمام منافسه جو بايدن يبدو راجحاً في ظلّ مؤشّرات كثيرة تُجلّيها استطلاعات الرأي من جهة، وموقفه المتشدِّد إزاء التسليم بنتائج الانتخابات من جهة ثانية، بذريعة التزوير الذي سيشوب عملية الاقتراع المعتَمِدة بغالبيتها على التصويت بالبريد، فإنّ اليوم الذي يلي الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر (مهما تكن النتيجة)، لا يزال ضبابياً لجهة حسم المشهد الانتخابي. عند هذا الحدّ، يُتوقّع أن يلجأ ترامب، في حالة فوز بايدن، إلى حشد أنصاره في الشارع، تمهيداً لسيناريو "أنا أو الفوضى" الذي سبق للرئيس الأميركي أن أشار إليه يوم قَبِلَ بطاقة الحزب الجمهوري لولاية رئاسية ثانية.استناداً إلى ما سبق، يستعجل ترامب، على رغم إصابته بـ"كوفيد-19"، استئناف حملته الانتخابية، في وقتٍ أفرجت فيه رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، عن مشروع قانون لتشكيل لجنة تُحقِّق في مدى أهليّة الرئيس لتولّي السلطة، وإن كان ينبغي إزاحته من منصبه استناداً إلى التعديل 25 في الدستور. خطوةٌ جاءت بعدما أثار ترامب ضجّة إزاء موعد المناظرة الثانية والأخيرة مع بايدن، والمرتقبة في الـ 22 من الشهر الجاري، ولا سيّما أن رهاناته تتركّز على الاستعراض خلالها، في ظلّ وضعه المتعثّر قبل أقلّ من شهر من موعد الانتخابات. ومع ارتفاع منسوب التوتّر، يريد ترامب تنظيم تجمّع انتخابي في فلوريدا اليوم، يليه آخر في بنسيلفانيا، حيث يتقدّم بايدن في غالبية استطلاعات الرأي. وتشير التوقّعات إلى أن المرشّح الديموقراطي يتّجه إلى هزم الرئيس الجمهوري في عدّة ولايات أساسية تُعدُّ "متأرجحة" (تبدّل ولاءها بين الحزبين من انتخابات إلى أخرى)، بل إنه بات يشكّل تهديداً له حتّى في معاقل جمهورية على غرار تكساس.
أوقف 13 شخصاً لدورهم في التخطيط لاختطاف حاكمة ولاية ميشيغن وإطلاق حرب أهليّة


توازياً مع حالة الغليان المرافقة لجولة الاقتراع المرتقبة، وهجمات ترامب التي لم تتوقّف ضد حكّام الولايات الديموقراطيين، ومِن بينهم حاكمة ولاية ميشيغن التي دعا ترامب إلى "تحريرها" على خلفية إجراءات الإغلاق الصارمة التي اتّبعتها غريتشن ويتمر لمكافحة وباء "كورونا"، يبدو أن جعجعة الرئيس الأميركي لم تذهب سدىً. تأكّد ذلك بعد الكشف عن "مؤامرة" خَطّط لها 13 رجلاً ينتمون إلى مجموعة أميركية يمينية متطرّفة - أحبطها "مكتب التحقيقات الفدرالي" - لاختطاف ويتمر وإطلاق "حرب أهلية". يفيد محضر الاتهام بأنّ ستة من المجموعة التي وصفها مدّعي منطقة غرب ميشيغن، أندرو بيرج، بأنها "متطرّفة وعنيفة"، خطّطوا لخطف ويتمر قبل موعد الانتخابات الرئاسية من أجل "محاكمتها" بتهمة "الخيانة". في هذا السياق، ذكرت وزيرة العدل في الولاية، دانا نيسيل، أن سبعة آخرين ينتمون إلى منظمة "وولفيرين ووتشمين"، أُوقفوا واتُّهموا بالتخطيط لـ"مهاجمة الكابيتول (مبنى الكونغرس في الولاية) وخطف مسؤولين في الحكومة بمَن فيهم الحاكمة"، موضحةً أن هؤلاء المسلّحين "أطلقوا تهديدات بالقيام بأعمال عنف لإطلاق حرب أهلية". من جهتها، اتهمت ويتمر ترامب "بإضفاء شرعية" على أعمال "إرهابيي الداخل"، وخصوصاً عبر رفضه إدانة أنصار تفوّق العرق الأبيض، ليردّ عليها بالقول: "بدلاً من أن تشكرني" على عمل "إف بي آي"، "تصفني بأنني مِن مؤيّدي تفوّق البيض". وتأتي هذه الاعتقالات في أجواء من التوتّر الشديد بين الرئيس الأميركي وخصومه الديموقراطيين بعدما "أمضى (ترامب) الأشهر السبعة الماضية في تأجيج عدم الثقة وتأييد أولئك الذين ينشرون الخوف والكراهية"، على حدّ تعبير ويتمر.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا