طهران | أعلن العميد حسين دهقان، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية لشؤون الصناعات الدفاعية، ووزير الدفاع السابق، ترشّحه للانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستُجرى في 18 حزيران/ يونيو 2021، ليكون، بذلك، أوّل مَن يترشّح رسمياً، بعدما جرى تداول أسماء عدّة أخرى. دهقان، الذي أشار إلى أنه لا ينتمي إلى أيّ من التيارين السياسيين «الأصولي» و«الإصلاحي»، أكد أنه قادر على إيجاد «مناخ من الإجماع والتفاهم والحوار» على الصعيد الداخلي، و«مناخ من الحوار من منطلق القوة والعزّة» مع الخارج. وكان دهقان (64 عاماً) قد شغل حقيبة الدفاع في حكومة حسن روحاني الأولى، ومنصب مساعد وزير الدفاع في حكومة محمد خاتمي، ورئيس «مؤسّسة الشهيد وشؤون المضحّين» في حكومة محمود أحمدي نجاد. ولكن للفوز في الانتخابات الرئاسية، يبقى على دهقان أن يسلك طريقاً محفوفاً بالمصاعب؛ فهو، في ظلّ خلفيّته الإدارية، يُعدّ وجهاً عسكرياً وسطياً ومعتدلاً، قلّما خاض غمار السياسة، أو عبّر عن موقفٍ سياسي. ومن هذا المنطلق، أوضح مصدر مقرّب من «الحرس الثوري»، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «على الرغم من أن دهقان يُعدّ من كبار المسؤولين العسكريين في البلاد، بيد أن ترشّحه أو ترشّح الوجوه العسكرية الأخرى لا يعني دعم مؤسّسة الحرس الثوري لها». ووفق المصدر ذاته، فإن دهقان لا يملك «نفوذاً قوياً» في الحرس، بل إن كثيرين يعتبرونه وجهاً مقرّباً من الراحل هاشمي رفسنجاني، والرئيس حسن روحاني. وعليه، فمن المستبعد أن يحظى بدعم المجموعات الناقدة لحكومة روحاني.
في المقابل، وعلى الرغم من أن دهقان قلّما تطرّق في الأيام الأخيرة إلى قربه من روحاني، إلّا أنّ حسام الدين أشنا، كبير مستشاري الرئيس، رحّب، قبل فترة، بترشّحه، لافتاً إلى أن «حسين دهقان مدير متمكّن للغاية، فضلاً عن تمتّعه بشخصية كاريزماتية، ويملك القدرة على التعامل مع القائد والسلطات الأخرى والقوّات المسلّحة».
وكان دهقان قد نظّم لجانه الانتخابية منذ الصيف الماضي، وأجرى خلال الأشهر الأخيرة مقابلات مع وسائل الإعلام، الدولية منها على وجه الخصوص. وكشف في حوار أجراه مع وكالة «أسوشييتد برس» أن سبب الانفجار الذي طاول قبل أشهر منشأة ناتنز النووية كان «عملاً تخريبياً صناعياً».

جدلٌ حول مشاركة العسكريّين
إلى جانب دهقان، ثمّة آخرون ذوو خلفيات عسكرية و«حرس ثورية» مطروحة أسماؤهم كمرشّحين محتملين، بمن فيهم محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان، ورستم قاسمي مساعد قائد «فيلق القدس»، ومحسن رضائي القائد العام الأسبق للحرس الثوري، وبرويز فتاح رئيس «مؤسّسة المستضعفين» والمدير العام الأسبق لمؤسّسة «تعاون الحرس الثوري»، وسعيد محمد رئيس «مقرّ خاتم الأنبياء» التابع للحرس الثوري.
وكما هو متوقّع، لم يلبث أن تحوّل موضوع خوض العسكريين الرئاسيات إلى مادّة جدل. ويرى الموافقون أن الشخصيات العسكرية قادرة، من خلال الاستناد إلى الاقتدار و«الإدارة الجهادية»، على تسوية مشاكل البلاد، والوقوف بوجه الضغوطات الخارجية. أمّا المعارضون فيعتبرون أن زيادة تدخّل العسكريين في السياسة بمنزلة جرس إنذار للديمقراطية، محذّرين من تحوّل الحكومة إلى «حكومة اللون الواحد». وردّاً على هذه التحذيرات، قال إسماعيل كوثري، مستشار القائد العام للحرس الثوري، الأسبوع الماضي، في مقابلة: «ماذا فعل العسكريون، حتى تعملوا على تخويف الناس منهم؟»، وأضاف: «ماذا حقّق السياسيون الذين تولّوا السلطة على مدى 40 عاماً من مكاسب؟ يجب أن نقارن هذا وذاك، لا أن نخيف الناس ونستخدم مفردة العسكري. ماذا فعل العسكريون؟».
تَحوّل موضوع خوض العسكريين الرئاسيات إلى مادّة رئيسة تدور حولها النقاشات


كلام كوثري استدعى ردوداً عدّة، كان من بينها ما كتبه مسيح مهاجري، رئيس تحرير صحيفة «جمهوري إسلامي»، الذي قال في افتتاحية الصحيفة: «إن أردنا الإيحاء للرأي العالم العالمي بفكرة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمرّ بوضع غير عادي، وأن الظروف في البلاد حرجة ومتأزّمة، يجب عندها اللجوء إلى العسكريين والطلب منهم أن يتسلّموا مقاليد الحكم. وفي هذه الحالة، لن تكون ثمّة حاجة إلى الانتخابات، بل المألوف هو أن يمسك العسكريون بالحكم والحكومة بطرق غير الانتخابات».

ماذا عن فوز بايدن؟
على مدى السنوات الـ23 الأخيرة، سارت الأمور كما يلي: كلّما فاز مرشّح جمهوري بالرئاسة الأميركية، تبوّأ في إيران شخصٌ من التيار المحافظ موقع رئاسة الجمهورية. وعلى العكس، عند فوز مرشّحٍ ديمقراطي بالرئاسة الأميركية، يتبوّأ في إيران شخصٌ إصلاحي ومعتدل منصب الرئاسة. الإصلاحي محمد خاتمي أصبح رئيساً للجمهورية الإيرانية في عام 1997، عندما كان الديمقراطي بيل كلينتون رئيساً للولايات المتحدة. أمّا الأصولي محمود أحمدي نجاد فقد تبوّأ الرئاسة عام 2005، عندما كان الجمهوري جورج بوش الابن رئيساً لأميركا. وتَسلّم المعتدل حسن روحاني الرئاسة عام 2013، عندما كان الديمقراطي باراك أوباما يسكن البيت الأبيض. ولكن الآن، قد تَتغيّر هذه المعادلة؛ إذ ربّما يصل معتدلٌ وإصلاحيٌّ إلى سدّة الرئاسة الإيرانية، في ضوء انتقال الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض، وربّما العكس، وذلك للسبب ذاته أيضاً.
ويبدو من الآن أن فوز بايدن قد ألقى بظلاله على الأجواء السياسية في إيران، في ظلّ توقعات بأن تُؤثّر كيفية تصرّف الرئيس الأميركي المنتخب تجاه طهران، خلال الأشهر المقبلة، في الأجواء التنافسية الانتخابية؛ فإن ابتعد بشكل ملموس عن سياسة «الضغوط القصوى»، وسعى إلى العودة إلى الاتفاق النووي وفاءً بوعده، سيكون عندها بوسع المعتدلين والإصلاحيين العمل على زيادة ثقلهم السياسي في مقابل الأصوليين. لكن إن لم يكن هناك تغيير ملموسٌ، فإن الرغبة في المشاركة في الانتخابات ستتراجع. وفي ضوء ذلك، من المرجّح أن تكون الشخصيات الأصولية - أكانت عسكرية أم مدنية - الأوفر حظاً للفوز.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا